كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

السَّهْو والنِّسْيَانِ، وعَلَى هَذَا بَنَى مَالِكٌ كَلامَهُ، فَقَالُوا: النِّسْيَانُ عَدَمُ الذِّكْرِ.
والسَّهْوُ: الغَلَطُ والغَفْلَةُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أنَّهُمَا سَوَاءٌ، والقَوْلُ الأوَّلُ أَظْهَرُ.
- ويقَال: غُمِيَ عَلَى الرَّجُلِ وأُغْمِيَ عَلَيْهِ، لُغَتَانِ مَشْهُوْرَتَانِ.

(النَّوْمُ عَنِ الصَّلاةِ)
- قَوْلُهُ: "حِيْنَ قَفَلَ مِنْ خَيْبرَ" [25]. مَعْنَاهُ: رَجَعَ، يُقَالُ (¬1): قَفَلَ مِنْ سَفَرِهِ يَقْفُلُ قُفُوْلًا وقَفْلًا. ويُقَال: سَرَى يَسْرِي سُرىً، وأَسْرَى إِسْرَاءً (¬2): إِذَا
¬__________
(¬1) في "الاقتضاب" لليَفْرُني عن صاحب "العين"، ويُراجع: العين (5/ 165)، ومُخْتَصره (1/ 573)، والاستذكار (1/ 98).
(¬2) قَال اليَفْرُنيّ: "وهي لَفْظةٌ مُؤَنَّثَةٌ وتُذَكَّرُ، وسَرَى وأَسْرَى لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا".
أقولُ -وعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: قَال ابنُ الأنْبَارِيِّ في كِتَابِهِ "المُذَكَّر والمُؤنَّث" (323): "وَسُرَى اللَّيْلِ، قَال الفَرَّاءُ: هِيَ مُؤَنَثَّةٌ. وحَدَّثَني أَبِي، عن ابنِ الحَكَمِ، عن اللحْيَانِيِّ، قَال: هي مُؤَنَّثَةٌ، وقَال السّجِسْتَانِيُّ: السُّرَى تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ، وَقال: سَمِعْتُ من أَعْرَابِ بني تَمِيْمٍ مَنْ يُنْشِدُ:
* إِنَّ سُرَى اللَّيْلِ حَرَامٌ لا تَحِلْ *
وأَمَّا قَوْلُ لَبِيْدٍ [ديوانه: 182]:
فَقُلْتُ هَجَّدْنَا فَقَدْ طَال السُّرَى ... وَقَدَرْنَا إِنْ خَنَى الدَّهْرُ غَفَلْ
فَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ ذَكَّرَ "طَال" لأنَّ السُّرَى عنْدَهُ مُذَكَّرٌ، ويَجُوْزُ أَن يَكُونَ ذَكَّرَ "طَال" والسُّرَى عِنْدَهُ مُؤَنَّثٌ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى فَقَد طَال السَّيْرُ ... ". ويُراجع المُذَكَّر والمؤنَّث للفرَّاءِ (22)، والمُذَكَّر والمؤَنَّث لأبي حاتم السجستاني، ورقة (162). وأمَّا قول اليَفْزُني رحمه الله: "سَرَى وأَسْرَى لُغَتَان قُرِئَ بِهِمَا" فَهُو صَحِيْحٌ يُراجع: فَعَلَ وأَفْعَلَ لأبي حَاتِم السّجِسْتَانِيِّ (100)، وفَعَلَ وأَفْعَلَ للزَّجَّاجِ (49). قَال أَبُو حَاتِمٍ: "ويُقَالُ: سَرَيْتُ بالقَوْمِ وأَسْرَيْتُ أي: سِرْتُ لَيْلًا، وَقَال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} مَقْطُوْعَةُ الألَفِ وَقَدْ وَصَلَ بعضُهُم الألفِ فَقَال: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي}، وَقَال عَزَّ وَجَلَّ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، بِلا اخْتِلافٍ فِيهِ، =

الصفحة 36