كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

سَارَ لَيْلًا، ويُرْوَى بَيْتُ النَّابِغَةِ (¬1) عَلَى وَجْهَيْنِ:
¬__________
= والسُّرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ مُؤَنَثَّة، وقَال امْرُؤُ القَيْسِ [ديوانه: 93]:
* سَرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى تكِلُّ مُطِيُّهُمْ *
وَقَال النَّابِغَةُ [ديوانه: 18]:
* أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِن الجَوْزَاء سَارِيَةٌ *
وَلَمْ يَقُلْ: مُسْرِيَةٌ، ويُنْشَدُ: "سَرَتْ" قَال الأخْطَل [شعره: 39]:
لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْرَيْتُ لَا لَيْلَ عَاجزٍ ... بسَاهَمِةَ الخَدَّيْنِ طَاويَةِ القُرْبِ
أَمَّا قَوْلُهُ: "قُرِئَ بِهِمَا" فَفِي قَوْله تَعَالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} في سورة هود، الآية: 81، قال ابنُ خَالوَيْهِ في إِعراب القراءات: "قرأ ابنُ كَثيرٍ ونَافِعٌ {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} بوَصْلِ الألِفِ مِنْ كُلّ القُرآن مِنْ سَرَى يَسْرِي. وقَرَأَ البَاقُوْنَ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} بِقَطْعِ الألفِ من أَسْرَى يُسْرِي وهُمَا لُغَتَانِ فَصِيْحَتَانِ نزَلَ بِهِمَا القُرْآن، قال اللهُ تَعَالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} وهَذ حُجَّةٌ لِمَنْ وَصَلَ وَهذَا البَيْتُ يُنْشَدُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ ... تُزْجِي الشَّمَالُ عَلَيْهَا جَامِدَ البَرَدِ
ويُرْوى: "سَرَتْ إِلَيْه" والسُّرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ خَاصَّةً ولا يَكُوْنُ بالنَّهَارِ، وهي مُؤَنَّثَةٌ يُقَالُ: هَذِه سُريّ، أَخْبَرَني بذلِكَ أَبُو بَكْرِ بنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبي حَاتِمٍ.
وقَال آخرُ [امرؤ القَيْس، ديوانه: 93]:
سَرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى تكِلَّ مُطِيُّهُمْ ... وَحَتَّى الجِيَادُ مَا يُقَدْنَ بأرسَانِ
وقَال آخرُ [عَمْرُو بنُ مَعْدِي كَرِبٍ، ديوانه: 128]:
سَرَى لَيْلًا خَيَالًا مِنْ سُلَيْمَى ... فَأَرَّقَنِي وأَصحَابِي هُجُوْدُ
وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ "سَرَى" و"أَسْرَى" مِنْهُم أَبُو عَمْرٍو الشيْبَانِيُّ فَقَال: سَرَى مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأسْرَى مِنْ آخره" والله تَعَالى أَعْلَمُ.
(¬1) ديوانه: 18)، وعَجزُهُ:
* يُزْجِي الشمالُ عَلَيْهَا جَامِدَ البَرَدِ *

الصفحة 37