كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

[صَلاة المُعَرَّسُ والمُحَصَّبِ]
-[قَوْلُهُ: "أَنْ يَجَاوزَ المُعَرَّسَ"] [206]. المُعَرَّسُ: مَوْضِعُ التَّعْرِيسِ، وَهُوَ: أَنْ يَنْزِلَ المُسَافِرُ نَزْلَةً خَفِيفَة ثُمَّ يَرْحَلُ، وأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ إِذَا نزلَ في آخِرِ اللَّيلِ. وَ"المُحَصَّبُ" (¬1) مَوْضِعُ التَّحْصِيبِ وَهُوَ الرَّمْيِ بالحَصْبَاءِ، وَهِيَ
¬__________
(¬1) اقتَصَرَ المُؤلِّفُ على ذِكْرِ مَعْنَى المُحَصَّبِ دُوْنَ التَّعْرِيفِ بِهِ. ونَقَلَ اليَفُرَنيُّ كَلامَ المُؤلِّفِ هَذَا ثُمَّ قَال: "مَوْضِعٌ بينَ مَكَّةَ ومِنًى وهو خَيفُ بنِي كِنَانَةَ، وهو الأبْطَحُ ولَيسَ من سُنَنِ الحَجِّ. والدَّلِيلُ على أَن المُحَصبَ هو خَيفُ مِنًى -والخَيفُ الوَادِي- قَوْلُ الشَّافِعِي [في الأصل (قال)] رحمه الله وهو مَكَيٌّ عَالِمٌ بمكَّةَ وأَحْوَازِهَا، ومنًى وأَقْطَارِهَا:
يَا رَاكِبًا قِفْ بالمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... فاهْتِفْ بقَاطِنِ خَيفِها والنَّاهِضِ
وقَال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعَةَ [ديوانه: 199]:
نَظَرْتُ إِلَيهَا بالمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... وَلِي نَظْرٌ لَوْلَا التَّحَرُّمُ عَارِمُ
وقَال الفَرَزْدُق [ديوانه: 310]:
هُمُ سَمعُوا يَوْمَ المُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... نِدَائِي وَقَدْ لُقَّتْ رِفَاقُ المَوَاسِمِ
وَقَدْ حَدَّدَهَا عُلَمَاء البُلدان والمَوَاضِعِ تَحْدِيدَاتٌ واسِعَة فقالوا: أَنها ما بينَ منًى ومكَّةَ من أَرْضٍ مُتَّسِعَةٍ تَشْمَلُ ما يُسَمَّى اليومَ "الششَّةَ" و"العَدْلَ (الأبْطَحَ) " و"المعابدة" حتَّى "ريع ذاخر" و"الخرمانية" و"الجميزة" إلى "الحجون". يُراجع: أخبار مكة للفاكهي (4/ 66)، باب: ذكرُ المُحصِّب وحدُوده وما جاء فيه، وفي ص (72) قال: "وحدُّ المحصَّب ما بين شَعْبِ عَمْرٍو ... " وأخباره مكة للأزرقي (2/ 160)، وشفاء الغَرَام (3141)، ومعجم البُلدان (5/ 62). ولا تعجب من اتساع المنطقة التي يطلق عليها المُحَصَّب؛ لأنَّ الحجّاج إِذَا نزَلُوا من مِنًى مَلَئُوا هَذ الفِجَاجَ بِأَكْمَلِهَا فكُل مَا نزَلُوْهُ مُحَصَّبًا. ما قُلْتُهُ عن المُحَصَّبِ أقولُهُ عن البَطْحَاءِ فالمقْصُوْدُ موضعٌ بعَينهِ، وَبَطْحَاءُ مكَّة وَأَبْطَحُهَا: وَسَطُهَا وهو وَادِيهَا الأعْظَمُ {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} =

الصفحة 397