كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

أَنَّ هَذِه حَالهُ في كُلِّ أَيَّامِ عَرَفَةَ، وَالعَرَبُ قَدْ تَضَعُ المَاضِي مَكَانَ المُسْتَقْبَلِ، وبالعَكْسِ إِذَا كَانَ المَعْنَى مَفْهُوْمًا.
- وَقَوْلُهُ: "أمَّا إنَّه ... ": يَجُوْزُ كَسْرُ "إِنَّ" عَلَى الاستِئْنَافِ، ويُجْعَلُ "أَمَا" استِفْتَاحُ كَلامِ مِثْل "أَلا". ويَجُوْزُ فَتْحُهَا بِجَعْلِهَا في تَأْويلِ المَصْدَرِ وَيَكُوْنُ مَوْضِعُهَا رَفْعًا عَلَى الابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ في أَمَا وَ"أَمَا" ههنَا جَارِيَة مَجْرَى الظُّرْفِ عِنْدَ سِيبَوَيهِ كَأَنَّكَ قُلْتَ: أَحَقًّا إِنَّكَ ذَاهِبٌ، فانْتِصَابِ حَقٍّ عِنْدَهُ عَلَى الظَّرْفِ كأَنَّكَ قُلْتَ: أَفِي حَقٍّ ذَهَابُكَ، وَلَيسَ من الظُّرْفِ المَعدُودَةِ. وَأجَازَ غَيرُ سِيبَوَيهِ أَنْ يَكُوْنَ "حَقًّا" مَصْدرًا كَأَنَّه قَال: أَحُقُّ حَقًّا ذَهَابَكَ. [قَال الشَّاعِرُ:
أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ لاقِيًا ... يَزِيدُ طِوَال الدَّهْرِ ...
فَـ "أَحَقًّا" -ههنَا- ظَرْفٌ، كَأَنَّهُ قَال: أَفِي حَق، وأَمَّا قَوْلُهُ:
* فَتًى لَيسَ كالفِتيانِ إلَّا خِيَارِهِمْ *
فَـ "خِيَارِهِمْ" بَدَلٌ مِنَ الفِتيانِ، وَهُوَ بَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ كَأَنَّه قَال فَتًى لَيسَ إلَّا كَخِيَارِ الفِتيانِ] (¬1).
-[وَقَوْلُهُ: "ويَزَعُ المَلائِكَةُ" يُهَيِّئهَا لِلْحَرْبِ، والوَازعُ: الَّذِي يُقَوِّمُ العَسْكَرَ، وَهُوَ مِثْلُ الشُرْطِيِّ.
- وَ [قَوْلُهُ: "بينَ الأخشَبَينِ مِن مِنًى"] [249] الأخْشَبَانِ (¬2): جَبَلان
¬__________
(¬1) ما بين القوسين جاء في آخر الورقة التالية لهذه الورقة وأشار الناسخ إلى موضعه.
(¬2) أخشبا منًى غير أخشبا مكة، وأخشبا مكة الجبلان المطيفان بها وهما أبو قُبَيسٍ والأحمر وهو جبلٌ مشرفٌ وجهه على قينقاع. ويظهر لي أنه كما قال الأصمعي الأخشب الجبل فاخشبا مكة جبلاها وأخشبا منى جبلاها، وقال ياقوت في معجم البلدان (1/ 122)، "والأخشبان =

الصفحة 407