كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

النَّاسَ يَكْسُرُ بَعْضُهُم بَعْضًا لِشِدَّةِ تزَاحُمِهِمْ.
- وَقَوْلُهُ: "أو يَصْنَع ذلِكَ أحَدٌ" [253]. الهَمْزةُ هُنَا للتَّقْرِيرِ والاسْتِفْهَامِ دَخَلَتْ عَلَى وَاو العَطْفِ كَقَوْلهِ [تَعَالى] (¬1): {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا} وقَال الكِسَائِيُّ: هي "أَوْ" حُرِّكَتْ وَاوُهَا.
- وَيقَالُ: "احتشَّ" (¬2) الرَّجُلُ لِدَابَّتِهِ وحَشَّ: إِذَا جَمَعَ لَهَا الحَشِيشَ، وَهُوَ: مَا يَبُسَ مِنَ النَّبْت، وَمَا كَانَ مِنَ المَرْعَى أَخْضَر قِيلَ لَهُ: الخَلَى، وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الحَشِيشَ يَقَعُ عَلَى المَرْعَى كُلِّهِ رَطْبِهِ ويَابِسِهِ، وهَذَا غَيرُ صَحِيحٍ؛ لأنَّ الاشْتِقَاقَ يُبْطِلُ ذلِكَ، والعَرَبُ تَقُوْلُ: حَشَّتْ يَدُهُ: إِذَا يَبُسَتْ، وحَشَّ الجَنِينُ في بَطْنِ أَمَّهُ فَهُوَ حَشِيش.

[حَجُّ المَرْأةِ بِغَيرِ ذِي مَحْرَمٍ]
- و"الصَّرُوْرَةُ" [254] في الجَاهِلِيّةِ: الذي لَا يَقْرُبُ النِّسَاءَ- والَّذِي لَمْ يُحْصَرْ، وَأَمَّا في الإسْلامِ فَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ خَاصَّةً، وَهُوَ يَقَعُ لِلذَّكَرِ والأُنْثَى وَالجَمْعِ وَالمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. وَالحَجُّ فَرِيضَةٌ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: (¬3) {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ} ولِقَوْلهِ عَزَّ وَجَلَّ (¬4): {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِر ... } وهَذِهِ الآية -وَإِنْ كَانَتْ في شَرْعِ إِبْرَاهيمَ الخَلِيلِ-
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 100. وقد تقدَّم مثل ذلك.
(¬2) نَقَلَ اليَفْرَنيّ شرح هذه الفقرة كله في "الاقتضاب".
(¬3) سورة آل عمران، الآية: 97.
(¬4) سورة الحَجّ، الآية: 27.

الصفحة 409