كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

قَوْلَهُمْ: قَدْ كَانَ مِنْ مَطرٍ أَنّها "مِنْ" الَّتي يُرَادُ بِهَا التَّبْعِيْضِ، وَفِي الكَلامِ حَذْفٌ، تَقْدِيْرُهُ: قَدْ كَانَ صَوْبٌ مِنْ مَطَرٍ، أَوْ جُزْءٌ ونَحْوٌ ذلِكَ، ويَجِبُ أَن يَكُوْنَ تَقْدِيْرُ الحَدِيْثِ على مَذْهَب سِيْبَوَيْهِ: وَقَدْ رَأَى مَا عَظُمَ عَلَيْهِ مِنْ فَزَعِهِمْ، أَوْ دَائِرًا مِنْ فَزَعِهِمْ مَا عَظُمَ عَلَيْهِ، ونَحْوَ ذلِكَ، فَحَذَفَ بَعْضَ الكَلامِ اخْتِصَارًا، كَمَا حَذَفَ مِنْ قَوْلهِ: "يَا بِلالُ" والعَرَبُ تَحْذِفُ من الكَلامِ مَا لَا يتِمُّ المَعْنَى إلَّا بِهِ إِذَا فُهِمَ المُرَادُ كَقَوْلهِ تَعَالى (¬1): {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} المَعْنَى: فَحَلَقَ؛ لأنَّه لَا تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ إِلَّا أَنْ يَحْلِقَ، وَكَذلِكَ قَوْلُه (¬2): {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} المَعْنَى: واللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ كَذلِكَ، ومِثْلُهُ قَوْلُ النَّمِرِ بنِ تَوْلَبٍ (¬3):
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 196.
(¬2) سورة الطلاق، الآية: 4.
(¬3) النَّمرُ بنُ تَوْلَبِ بنِ زُهَيْرٍ العُكْلِيُّ، شَاعِرٌ جاهِلِي، أَدْرَكَ الإسْلامَ فَأسْلَمَ، ولَهُ صُحْبةٌ وَوفَادَةٌ عَلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ سَيِّدًا، كَرِيْمًا، لم يَمْدَحْ أحَدًا ولا هَجا أَحَدًا، من ذَوي النعْمَةِ والوَجَاهَةِ. مَاتَ في زَمَنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يْمَا يَظْهَرُ. جَمَعَ شِعْرُهُ الدُّكْتُور نوري حمُّودي القيسيُّ، وطبع في بغداد سنة (1968 م) ثمَّ ألحقه في شعراء إسلاميُّون بَعْدَ ذلِك.
أَخْبَارُهُ في: الأغاني (22/ 273)، والإصابة (6/ 470)، وخِزَانَة الأدب (321)، شعره "شعراء إسلاميّون" (378) وصَدْرُهُ هُنَاكَ:
* فإنَّ المَنِيَّةَ مَنْ يَخْشَهَا *
ويُراجع: تأويل مشكل القرآن (168)، والمَعاني الكبير (1264)، وأدب الكاتب (214)، وشرحه "الاقتضاب" (3/ 184)، وشرحه للجوليقي (258)، والجمل (273)، وشرح أبياته "الحُلَل" (344)، وهو في التصريح (2/ 252)، وغيرها. وقبل البيت: =

الصفحة 41