كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

الخَمْسَ تَعْدِلُ خَمْسِيْنَ صَلاةً؛ لأنَّهَا فُرِضَتْ فِي أَوَّل أَمْرِهَا خَمْسِيْنَ (¬1)، ثُمَّ رُدَّت إلى خَمْسٍ تَخْفِيْفًا على العِبَادِ، وجُعِلَ أَجْرُهَا وثَوَابُهَا كَثَوَابِ الخَمْسِيْن (¬2).
- وَقَوْلُهُ: "أليْسَ قَدْ عَلِمْتَ" [1]. كَذَا الرِّوَايَةُ، وَهِي جَائِزَةٌ، إلَّا أَنَّ المَشْهُوْرَ فِي الاسْتِعْمَالِ الفَصِيْحِ "أَلَسْتَ" لِلْمُخَاطَبِ، وإِنَّمَا يُقَالُ: "أليْسَ" للْغَائبِ.
- وَقَوْلُ جِبريْلَ - عليه السلام -: "بِهَذَا أُمِرْتَ". بِالفَتح رَوَيْنَاهُ (¬3)، أَي بِهَذَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، ومَنْ رَوَاهُ بالضمِّ فَهُوَ إِخْبَارٌ عنْ نَفْسِهِ، أَي: بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُعَلِّمَكَ.
- وَقَوْلُهُ: "أوْ إِن جِبريْلَ". الوَجْهُ كَسْرُ "إِنَّ" ههنَا؛ لأنَّهُ مَوْضِع يَصْلُحُ فيه الاسْمُ والفِعْلُ، أَلا تَرَى أَنّه قَدْ كَانَ يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ جِبْرِيْلُ هُوَ الَّذِي أَقَامَ؟ ، وَكَانَ يَجُوْزُ أَنْ يَقُوْلَ: أَوْ أَقَامَ جِبْرِيْلُ؟ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَصْلِحُ فيه اسْتِعْمَالُ الاسمِ تَارَةً، والفِعْلِ تَارَةً فـ "إِنَّ" فِيْه مَكْسُوْرَةً، فَإِذَا انْفَرَدَ المَوْضِعُ بِأَحَدِهِمَا فـ "إِنَّ" فيه مَفْتُوْحَةً، كَقَوْلكَ: بَلَغَنِي أَنّكَ قَائِمٌ، فَهَذَا مَوْضِع لا يَصلُحُ فيه إلَّا الاسْمُ، كَأَنَّه قَال: بَلَغَنِي قِيَامُكَ، وقَوْلَكَ: لَوْ أَنَّ زَيْدًا جَاءَنِي لأكْرَمْتُهُ فَهَذَا مَوْضع لَا يَصْلُحُ فِيْه إلَّا الفِعْلُ.
¬__________
(¬1) من هُنَا يَبْدَأُ شَرْح أَبِي الوَليْد الوَقَّشِيِّ رحمه اللهُ كَمَا أَوْضَحْتُ فيما تقدَّم.
(¬2) يَقْصِدُ بِهِ حَدِيْثَ أَنَس بن مَالِك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الَّذِي رَوَاهُ الإمَامُ البُخَارِي في صَحِيْحه "فَتح البَارِي" (6/ 217) كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ، بابُ ذِكْرُ المَلائِكَة، وَفِي الأنْبِيَاءِ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا}. وهو في صَحِيْحُ مُسْلِمٍ رقم (162) في الإيمان، بابُ الإسْرَاء بِرَسُوْلِ الله - صلى الله عليه وسلم -.
(¬3) في (س): "بفَتْحِ التَّاءِ" وَفِي كِتَابِ "الاقْتِضَابِ" لمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ اليَفْرُنِيِّ: "وهي رِوَايَةُ ابنِ وَضَّاح" وابنُ وَضَّاحٍ هَذَا أُعَرِّفُ بِهِ عنْد ذِكر المُولّف لَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.

الصفحة 6