كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
- و"الطَّهُوْرُ": بِفَتْحِ الطَّاءِ (¬1) سَوَاءً أَرَدْتَ بهِ المَصْدَرَ أَو المَاءَ، ويُقَالُ لِلإنَاءِ الَّذِي يُتَطَهَّرُ مِنْهُ: مِطْهَرَةٌ بِكَسْرِ المِيمِ؛ لأنَّه آلةٌ لَلْمَاءِ، وَالغَالِبُ عَلَى الآلَاتِ كَسْرُ الأوَائِلِ نَحْوَ: المِحْلَبِ لِلْقِدْحِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ، وَالمِكْتَلِ لِلْقُفَّةِ، والمِفْتَحِ، ويُقَالُ: مَطهَرَةٌ -بالفَتْحِ- لأنَّهَا مَكَانُ المَاءِ قَدْ تَضَمَّنَتْهُ فَهِيَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الأَمْكِنةِ، وَالمَكَانُ إِذَا جَاءَ عَلَى صِيغَةِ مَفْعَلٍ [فَهُوَ] الثُّلَاثِيُّ كَالمَقْعَدِ والمَذْهَبِ.
ويُقَالُ: طَهَرَتِ المَرْأَةُ وطَهُرَتْ -بِفَتْحِ الهَاءِ وَضَمِّهَا- إِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ، فَهِيَ طَاهِرٌ بغَيرِ هَاءٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ الطَّهَارَةَ من العُيُوْبِ قُلْتَ [طَاهِرَةٌ -بالهَاءِ-] قَال الكُوْفِيُّونَ: إِنَّمَا [كَانَ] ذلِكَ لأنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ، والطُّهْرُ مِنَ الحَيضِ لَا يَشْرَكُهَا فِيهِ المُذَكَّرُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى فَرْقٍ بَينَهَا وَبَينَ المُذَكَّرِ، ويَشْتَرِكُ مَعَهُ في الطَّهَارَةِ مِنَ العُيُوْبِ، وهَذَا خَطَأٌ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ؛ لأنَّا قَدْ وَجَدْنَا صِفَاتٍ كَثيرَةً يَشْتَرِكُ فِيهَا المُذَكَّرُ والمُؤنَّثُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَينَهُمَا كَامْرَأَةٍ عَاشِقٍ ورَجُلٍ عَاشِقٍ وجَمَلٍ ضَامِرٍ ونَاقَةٍ ضَامرٍ، قَال ذُو الرُّمَّة (¬2):
وَلَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الحَكِيمَ تَعَرَّضَتْ ... لِعَينَيهِ مَيٌّ حَاسِرًا كَادَ يَبْرَقُ
والقَوْلُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ فِي هَذَا أَنَّ مَا جَاءَ مِنْ صِفَاتِ المُؤَنَّثِ -بالهَاءِ- فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الفِعْلِ، وَمَا جَاءَ مِنْهُ بِغَيرِ هَاءٍ فَإِنَّهُ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ.
[الطَّهُوْرُ لِلْوَضُوْءِ]
- وَقَوْلُهُ [- عليه السلام -]: "الحِلُّ مَيتَتُهُ" [12]. يُقَالُ: حِلٌّ وحَلَالٌ كَمَا يُقَالُ:
¬__________
(¬1) في (س): "مفتوح الطَّاء".
(¬2) ديوانه (461)، ومعنى يَبْرَقُ: يبقى مفتوحَ العين كالمُتَحَيِّرَا.
الصفحة 65