كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

- و"الدُّهْمُ": الشَّدِيدة الخُضْرَةِ حَتَّى تُشْبِهِ السَّوَادَ.
- و"البُهْمُ": جَمْعُ بَهِيمٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا شِيَةَ فِيهِ وَلَا وَضَحَ أَيَّ لَوْنٍ كَانَ، والأَصْلُ بُهُمٌ، فَسَكِّنَ لِتَتَابُعِ الضَّمَّتَينِ كَعُنُقٍ وَعُنْقٍ.
- و"فَليُذَادَانَّ" "فَلْيَدْفَعَنَّ" و"لْيَمْنعنَّ": اللَّامُ لَامُ القَسَمِ، كَأَنَهُ قَال: فَواللهِ لَيُذَادَنَّ، أَي: إِنَّ هَذَا سَيَكُوْنُ لَا مَحَالةَ، وَكَذلِكَ كُلُّ فِعْلٍ مُضَارعٍ تَدْخُلُ أَوَّلِهِ اللَّامُ مَعَ النُّوْنِ الثَّقِيلَةِ أَو الخَفِيفَةِ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى نِيَّهِ القَسَمِ كَقَوْلهِ [تَعَالى] (¬1): {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}، {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ} (¬2)، ويُرْوَى (¬3): "فَلَا يُذَادَنَّ" عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ، وذلِكَ أَنَّ العَرَبَ قَدْ تُوْقِعُ النَّهْيَ عَلَى الفِعْلِ ومُرَادُهَا غَيرَهُ، إِذَا كَانَ أَحَدُ الفِعْلَينِ مُتَعَلِّقًا بالآخَرِ يُوْجَدُ بِوُجُوْدِهِ ويَرْتَفِعُ بارْتفِاعِهِ، فَتَقُوْلُ لِلرَّجُلِ: لَا يَضْرِبَنَّكَ زَيدٌ، ولَا يَأْكُلَنَّكَ الأسَدُ، أَي: لَا تَتَعَرَّضَ لِذلِكَ الشَّيءِ، بَأَنْ تَفْعَل (¬4) فِعْلًا يُؤدِيكَ إِلَيهِ؛ وَذلِكَ أَنَّ التَّعَرُّضُ لِضَرْبِ زَيدٍ، وأَكْلِ السَّبُعِ إِيَّاهُ هُوَ السَّبَبُ المُوْجِبُ لِلضَّرْبِ، وَالأكْلُ وَالضُّرْبُ مُسَبَّبَانِ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَقَعِ السَّبَبُ لَمْ يَقَعِ المُسَبَّبُ، وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُهُ [تَعَالى] (¬5): {فَلَا تَمُوتُنَّ} وَلَيسَ (¬6) المَوْتُ بِفِعْلٍ لَهُم فَيُنْهَوا عَنْهُ، ولكِنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي مِنْ أَجْلِ تَوَقُّعِهِ
¬__________
(¬1) سورة العنكبوت، الآية: 11.
(¬2) سورة آل عمران، الآية: 186.
(¬3) هي رواية يَحْيَى. وَيُراجع: الاستذكار (1/ 242).
(¬4) في (س): "ولا تفعل".
(¬5) سورة البقرة، الآية: 132.
(¬6) في (س): "فليس".

الصفحة 73