كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

إلى ذِكْرِ اللهِ}، وَقَوْلهِمَا لَوْ قَال: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} لَسَعَيتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي، قِيلَ لَهُ: قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ لُغَةُ عَمَرُ وَقَوُمِهِ استِعْمَالُ السَّعْي بِمَعْنَى العَدْو، فَالعَرَبُ تَخْتَلِفُ لَغَاتُهُم حَتَّى إِنَّ الجَوْنَ عِنْدَ بَعْضِهِمُ الأَسْوَدُ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمُ الأَبْيَضُ (¬1)، وأَنَّ العَنْوَةَ عِنْدَ خُزَاعَةَ: الصُّلْحُ والمُسَالمَةُ، وعِنْدَ سَائِرِ العَرَبِ القَهْرُ والغَلَبَةُ (¬2)، قَال كَثَيِّرٌ -وهُوَ خُزاعِيٌّ-:
¬__________
= -وَعَلَى اللهِ أَعْتَمِدُ-: هِيَ قِرَاءَةِ أُبَيٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، وعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ الزُّبَيرِ، وأَبي العَالِيةِ، والسُّلميِّ، ومَسْرُوقٍ، وطاوُوْسٍ وَطَلْحَةَ، وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، يُرْاجَع: مَعَانِي القُرآن للفَرَّاء (3/ 156)، وَتَفْسِير الطَّبَرِيِّ (28/ 56)، وَمَعَاني القرْآن وَإِعرَابُهُ للزَّجَّاجِ (5/ 171)، والمُحْتَسَبِ (2/ 322)، والكشَّاف (4/ 105)، والمُحرِّر الوَجِيز (14/ 448)، وَزَادُ المسير (8/ 264)، وتفسير القُرطبي (18/ 102)، وفي البَحرِ المُحيط (8/ 268). قَال ابنُ مَسْعُوْد - رضي الله عنه -: لو كانت {فاسْعَوْا} لَسَعَيتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي. وَقَال الزَّجَّاجُ في المعاني: " ... وَلكِنَّ اتباعَ المُصْحَفِ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ عُمَر {فامْضُوا} لا غَيرُ لَغَيَّرَهَا في المُصْحَفِ". وَنَقَلَ القُرْطِبيُّ عَنِ ابنِ شِهَابٍ أَنَّه قَرَأَهَا كَذلِكَ، ثُمَّ قَال: "وَهُوَ كُلُّه تَفْسِيرٌ مِنْهُم".
(¬1) يُراجع: الأضْدَادِ لقُطْرُب: (100)، وَأَضْدَادَ التَّوّزي (32)، وَالأضْدَاد لابن السِّكِّيت (189)، والأضْدَادِ لأبي حاتم السَّجستاني (106). والأضْدَادِ لأَبِي بَكْرِ بْنِ الأنْبَارِيِّ (11)، والأضْدَادِ لأبي الطَّيب اللَّغوي (1/ 158، 159)، والأضْدَاد للصَّغَاني (86).
(¬2) الأضْدَادُ لابن الأنْبَاريِّ (79)، وَلَمْ يَذْكُرِ اخْتِلَافُ اللُّغَةِ فِيهَا بَينَ خُزَاعَةَ وغَيرِهِم وَأَنْشَدَ بَيتَ كَثَيِّرٍ المَذْكُوْرِ هُنَا، وَقْوْلَ كُثَيِّرٍ أَيضًا:
هَلَ نتَ مُطِيعِي أَيُّهَا القَلْبُ عَنْوَةً ... وَلَمْ تُلْحَ نَفْسٌ لَمْ تُلَمْ في اخْتِيَالِهَا
ونَسَب البَيتَ الأوَّلَ إلى كُثَيِّرٍ، كَمَا نَسَبَهُ المُؤَلِّفُ، وهو غيرُ مَوْجُوْدٍ في ديوانه، ولم يَنْسبِ البَيتَ الثَّاني وهو له في ديوانه (93) وفيه: "نَفْسًا" وهو من قَصِيدةٍ قال كثيَّرٌ: "هِيَ خَيرُ =

الصفحة 78