كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
وَجُنُبٌ، فَمَنْ قَال مُجْنِبٌ ثنَّى وَجَمَعَ وأَلْحَقَ [عَلَامَةَ] التَّأْنِيثِ إِذَا وَصَفَ بِهِ المَرْأَةَ، ومَنْ قَال: جُنُبٌ فَالأفْصَحُ الأَشْهَرُ أَنْ لَا يُثَنِّي وَلَا يَجْمَعُ وَلَا يُلْحِقُهُ عَلَامَةَ التَّأْنِيثِ، وبِهَذِهِ اللُّغَةِ وَرَدَ القُرْآنُ [العَزِيزُ] قَال تَعَالى (¬1): {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا [فَاطَّهَّرُوا]}. وَمِنَ العَرَبِ مَنْ يُثَنِّي ويَجْمَعُ فَيقُوْلُ: جُنبَانِ وجُنُبُوْنَ وأَجْنَابٌ وَجَنبَةٌ لِلْمَرْأَةِ وجَنَبَاتٌ وجَنبَتَانِ، وأَمَّا الجُنُبُ الَّذِي يُرَادُ بِه الغَرِيبُ فَإِنَّهُ يُثَنَّى ويُجْمَعُ ويُؤَنَّثُ، ولَمْ يُسْمَعْ فِيهِ غَيرَ ذلِكَ، قَال الشَّاعِرُ (¬2).
وَمَا كَانَ غَضُّ الطَّرْفِ مِنَّا سَجِيَّةً ... وَلكِنَّنَا فِي مَذْحَجٍ جُنُبَانِ
ويُرْوَى: "غُرُبَانِ" وهُمَا سَواءٌ، وَقَالتِ الخَنْسَاءُ (¬3):
فَابْكِي أَخَاكِ لأَيتَامٍ وَأَرْمَلَةٍ ... وابْكِي أَخَاكِ إِذَا جَاوَزْتِ أَجْنَابَا
وَمِنَ العَرَبِ مَنْ يَقُوْلُ -مِنَ الجَنَابَةِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الطَّهَارَةِ-: رَجُلَانِ جُنُبَانِ
¬__________
(¬1) سورة المائدة، الآية: 6.
(¬2) هو: طُهْمَانُ بنُ عَمْرٍو الكِلَابيُّ، ديوانه (62)، من أَبْيَات جَيِّدةٍ ذَكَرَهَا جَامُع الدِّيوان عن المنازل والدِّيَار (1/ 223)، ومُعْجَم البُلْدَان (2/ 264) (دَمْخٌ). وفيه: "طُهْمَانُ بنُ عَمْرٍو الدِّارميّ"؟ ! . والشَّاهِدُ فِي الصِّحَاح، واللِّسَان، والتَّاج (غَرَبَ).
(¬3) دِيوَانُهَا: "شَرْحُ ثَعْلَبٍ" (150) ترْثِي أَخَاهَا صَخْرَا وقَبْلَهُ -وهو أَوَّلُ القَصِيدَةِ-:
يَا عَينِ مَالِكَ لا تَبْكِينَ تِسْكَابَا ... إِذْ راب دَهْرٌ وَكَانَ الدَّهْرُ رَيَّابًا
فابْكِي أَخَاكِ لأيتَامِ ........... ... ................... البيت
وَابْكِي أَخَاكِ لِخَيلِ كالقَطَا عُصُبٍ ... فَقَدْنَ لَمَّا ثَوَى سَيبًا وَأَنْهَابًا
وَابْكِيهِ لِلفَارِس الحَامِي حَقِيقَتَهُ ... ولِلضَّرِيَّكِ إِذَا مَا جَاءَ مُنْتَابَا
يَعْدُو بِهِ سَابِحٌ نَهْدٌ مَرَاكِلُهُ ... إِذَا اكْتَسَى مِنْ سَوَادِ اللَّيلِ جِلْبَابا
حَتَّى يُصَبِّحَ قَوْمًا فِي دِيَارِهُمُ ... ........................ الأبيات
الصفحة 89