كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

فَيُثَنِّي، فَإِذَا جَمَعَ يَقُوْلُ: رِجَالٌ جُنُبٌ.
- وَ"غَرْفَةٌ" وَ"غُرْفَةٌ" [67]. مَصْدَرَانِ مِنْ غَرَفْتُ، وَقَال الفَرَّاءُ (¬1): غَرَفْتُ غَرْفَةَ بفَتْحِ الفَاءِ، وفي الإنَاءِ بِضَمِّهَا، فَجَعَلَ الغَرْفَةُ -بِفَتْحِهَا- مَصْدَرًا، والغُرْفَةُ
¬__________
(¬1) أي: في قَوْلهِ تَعَالى: {إلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [سورة البقرة، الآية: 249] ولم يرد في المعاني للفَرَّاءِ. ويقصد الفرَّاء بالفاء فاء "فَعْلَة" وهي الغين هنا.
قال الزَّجَّاجُ في "مَعَاني القُرآن وإعْرَابِهِ" (1/ 330، 331): "غُرْفَة وغَرْفَة قُرِئ بِهِمَا جَمِيعًا فَمَنْ قَال: "غَرْفَةٌ" كَانَ مَعْنَاهُ غَرْفَةٌ وَاحِدَة باليَدِ ومَنْ قَال: "غُرْفَة" كَانَ مَعْنَاهُ مِقْدَارَ اليَدِ" وهَذَا هُوَ كَلَامُ صَاحِبِنَا. قَال أَبُو عَلِيٍّ في "الحُجَّةِ" (2/ 350، 351): "بفَتْحِ الغَينِ، وَقَرأَ عَاصِمٌ، وابنُ عَامِرٍ، وحَمْزَةُ والكِسَائِيُّ {غُرْفَةً} بضَمِّ الغَينِ. قَال أَبُو عَلِيٍّ: مَنْ فَتَحَ الفَاءَ الَّتي هي غَينٌ من "غَرْفَة" عَدَّى الفِعْلَ إلى المَصْدَرِ، والمَفْعُوْلُ بِهِ مَحْذُوْفٌ [تَقْدِيرُهُ] إلَّا مَن اغْتَرَفَ مَاءً غَرْفَةً. ومَنْ قَال: "غُرْفَةً" عَدَّى الفِعْلَ إِلَى المَفْعُوْلِ بِهِ، ولَمْ يُعَدِّهِ إِلَى المَصْدَرِ كَمَا عَدَّاهُ الآخَرُوْنَ إِلَيهِ، ولم يُعَدُّوْهُ إِلَى المَفْعُوْلِ بِه، وإِنَّمَا جَعَلْتَ هَذَا مَفْعُوْلًا بِهِ لأنَّ الغُرْفَةَ العَينِ المُغْتَرَفَةُ فهو بمَنْزِلَةِ إلَّا منِ اغْتَرَفَ مَاءً". وَلِأَبِي عَلِيٍّ بعدَ هَذَا كَلَامٌ جَيِّدٌ تَحْسُنُ مُرَاجَعَتُهُ هُنَالِكَ. وَقَرَأ بالفَتْحِ من غَيرِ السَّبعةِ: ابنُ عَبَّاسٍ، ومُجَاهِدٌ، والأعْرَجُ، وأَبَانُ بنُ عُثْمَانَ. يُرَاجع: السبعة (187)، والتيسير (81)، والكشف (1/ 303)، والعُنوان (53)، وتفسير الطَّبري (5/ 342)، ووَضْح البرهان (1/ 218)، والمحرَّر الوجيز (2/ 366)، وزاد المسير (1/ 298)، وتفسير القُرطبي (3/ 253)، والبحر المحيط (2/ 282)، والدُّر المَصُون (2/ 527)، والنَّشر (2/ 230). قال ابنُ الجَوْزِيِّ في زاد المسير: "وزَعَمَ مُقَاتِلٌ أَنَّ الغَرْفَةَ كَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا الرَّجُلُ ودَابَّتُهُ وخَدَمُهُ ويَمْلأ قُرْبَتَهُ. وقَال بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: لَمْ يُرِدْ بِه غَرْفَةَ الكَفِّ، وإِنَّمَا أَرَادَ المَرَّةَ الوَاحِدَةَ بِقِرْبَةٍ أَوْ جَرَّةٍ أَو مَا أَشبهَ ذلِك ... ". وَقَال بَيَانِ الحَقِّ النَّيسَابُوْرِيُّ في "وَضْحِ البُرْهَانِ": "الغُرْفَةُ والغَرْفةُ واحدٌ، كَسُدْفةِ اللَّيلِ وسَدْفَتِهِ ولُحْمَةُ الثَوَّبِ ولَحْمَتِهِ". ويُراجع أيضًا: الجمهرة (2/ 779)، وتهذيب اللُّغة (8/ 101)، والصِّحَاح، واللِّسان، والتَّاج (غَرَفَ).

الصفحة 90