كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
الفَاضِلِ؛ كأَنَّه مُصَدْرٌ أُجْرِيَ مُجْرَى الأسْمَاءِ، كَمَا قَالُوا لِلْعَينِ: طَرْفٌ، ولِلأُذُنِ: سَمْعٌ، وهُمَا في الأَصْلِ مَصْدَرَانِ .. ويُحْتَملُ أَنْ يَكُوْنَ الفَضْلُ جَمْعُ فَضْلَةٍ كَمَا قَالُوا: تَوْبَةٌ وتَوْبٌ، قَال اللهُ تَعَالى (¬1): {وَقَابِلِ التَّوْبِ} وأَكْثَرُ مَا يَجِيئُ هَذَا الجعُ الَّذِي [تُفَرِّقُ] بَينَهُ وبَينَ واحِدِهِ الهَاءُ في الأَسْمَاءِ الَّتِي لَيسَتْ بِمَصَادِرَ كَنَخْلَةٍ ونَخْلٍ، قَالتْ: عِشْرِقَةُ المُحَارِبِيَّةُ (¬2):
ولَا شَرِبُوأ كَأْسًا مِنَ الحُبِّ حُلْوَةً ... وَلَا مُرَّة إِلَّا شَرَابُهُمُ فَضْلِ
ويُقَالُ: أَفْضَلْتُ الشَّيءَ إِفْضَالًا: إِذَا تَرَكْتُ مِنْهُ فَضْلَةً، فَإِن نَسَبْتَ الفعْلَ إِلَى الشَّيءِ الفَاضِلِ قُلْتَ: فَضَلَ يَفْضُلُ، وفَضِلَ يَفْضَلُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، وهَذِهِ لُغَةٌ شَاذَّةٌ، والأوْلَى أَفْصْحَهُنَّ (¬3).
¬__________
(¬1) سورة غافر، الآية: 3.
(¬2) قال أبُو عَلِيٍّ القَالِي رحمه اللهُ في الأمَالي (1/ 28): "وأَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ رحمه اللهُ أَنْشَدَنَا عَبْدُ الرَّحَمن
عن عَمِّهِ قَال: أَنْشَدَتْنِي عِشْرِقَةُ المُحَارِبِيَّةُ -وهي عَجُوْزٌ، حَيزَبُونٌ، زَوْلَةٌ-:
جَرَيتُ مَعَ العُشَّاقِ فِي حَلْبَةِ الهَوَى ... فَفُتُّهُمُ سَبْقًا وَجَئْتُ عَلَى رِسْلِي
فَمَا لَبِسَ العُشَّاقُ مِنْ حُلَلِ الهَوَى ... وَلَا خَلَعُوا إِلّا الثِّيَابَ الَّتِي أُبَلِى
وَلَا شَرِبُوا كَأَسًا ............ ... ........................... البيت
وَزَادَ البَكْرِي رحمه اللهُ في اللآلي شَرْحِ الأمَالِي (1/ 131):
تَسَربَلْتُ ثَوْبَ الحُبِّ مُذْ أَنَا يَافِعٌ ... وَمُتِّعْتُ مِنْهُ بالصُّدُودِ وبالوَصْلِ
ويُراجع: شَرح دِيوَان المُتَنَبِّي المَنسوب إلى العُكْبَرِيِّ (1/ 423)، والمُخْتَار من شِعْرِ بشَّارِ (175)، ومَجْمُوعة المَعَانِي (509).
(¬3) جَاءَ في اللِّسان (فَضَلَ): "أبُو عُبَيدَةَ: فَضَلَ منه شَيءٌ قَلِيلٌ، فَإِذَا قَالُوا: يَفْضُلُ ضَمُّوا الضَّادَ فَأَعَادُوهَا إِلَى الأصْلِ، ولَيسَ في الكَلَامِ حَرْفٌ من السَّالِمِ يُشْبِهُ هَذَا، قَال: وَزَعَمَ بَعْضُ النَّحْويِّين أَنَّه يُقَالُ: حَضَرَ القَاضِيَ امرأةٌ ثُمَّ يَقُوْلُوْنَ: تَحْضُرُ".
الصفحة 98