كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: مقدمة)

وذكر صاحبُ "رَوْضَاتِ الجَنَّاتِ" (¬1) وفاةَ أبي الوَليد وجعلها سنة (478 هـ) وهو خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وليس بتَحْرِيْفٍ، وَكِتَابُ "الرَّوْضَاتِ" المَذْكُورُ لا يَحْسُنُ الرُّجوعُ إليه، ولا النَّقْلُ عَنْهُ؛ لأنَّ مؤلِّفَهُ كَثيْرُ الأخْطَاءِ، كَثيْرُ التَّحْرِيْفِ، تَتَدَاخَلُ فيه المَعْلُوْمَاتِ، وَمَعَ هَذَا هُو مُتأخِّرٌ (ت 1313 هـ) فلا جديدَ في مصادِرِهِ عن المُتَقَدِّمين عَامَّة، والأندَلُسيِّن خَاصَّة.
وَوَقَعَ في كلامِ الأُستاذ ظُهُور أحمد تناقضٌ في مكان ميلاده لم يَتفَطَّنْ له فقال في أول مبحث مولده: "إِنَّ المَصَادِرَ الَّتِي وَصَلَت إِلَيْنَا والَّتي اسْتَطَعْنَا أنْ نَسْتَفيدَ مِنْهَا في تَرْجَمِةِ الوَقَّشِيِّ لا تُصَرِّحُ بالمكان الذي وُلِدَ بِه .... " وهَذَا كَلامٌ جَيِّدٌ صَحِيْحٌ إلى حدٍّ ما، لكنَّه عاد إلى نَقْضِهِ حيثُ قَال -بَعْدَ أَسْطُرٍ-: "إنَّمَا مَسْقَطَ رَأْسِهِ هِيَ مَدِيْنَةُ (وَقَّش) الَّتِي كَانَتْ دَارَ الوَقَّشِيِّيْنَ الكِنَانِيِّينَ الفُضَلاء الأعْيان، وَأَحَال إِلى "نَفْح الطِّيْبِ".
أقول -وعلَى الله أعتَمِدُ-: إِذَا كانَت المَصَادِرُ لا تُصرِّحُ بالمَكَانِ الَّذي وُلِدَ فيه فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَ الأُستاذُ -حفظه الله- أنَّ مدينةَ "وَقَّشَ" هي مَسْقَطُ رأسه؟ ! وكون "وَقَّش" دارَ الكنانيين الفُضَلاء الأعيان -كَمَا يَقُولُ المَقَّرِيُّ في "نَفْح الطِّيْبِ" (¬2) - لا يَلْزَمُ منه أن يكونَ أبُو الوَليْدِ مولودًا فيها؟ ! وَصَاحِبُ "نفْحُ الطِّيْبِ" لَمْ يَقُلْ: إنَّها مَسْقَطُ رَأْسِهِ؟ ! .
¬__________
(¬1) المصدر نفسه.
(¬2) نفح الطِّيب (2/ 291).

الصفحة 13