كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: مقدمة)
كنتُ لا أَجْزِمُ أنَّ هَذَا العنوان هو ما اختاره المُؤَلِّفُ عُنْوَانًا، لِكِتَابِهِ، وَإِنَّمَا اخترته؛ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ تَسْمِيَةِ المُؤَلِّفِ لَهُ، فكانَ في الأمرِ مَجَالٌ للاجْتِهَادِ.
ثالثًا: (نِسْبَتُهُ إلى المُؤَلِّفِ):
صَرَّحَ ناسخُ الأَصْلِ بأنَّه نَسَخَهُ من خَطِّ يَدِ المُؤَلِّف فَقَال في آخرِ الجزْءِ الأوَّلِ ما يلي: "تَمَّ النِّصْفُ الأوَّل من تعَلْيِقْ الشَّيْخِ الفَقِيْهِ الإمَامِ القُدْوَةِ المُتَفَنِّن أبي الوَليدِ هِشَامٍ الوَقَّشِيِّ -رحمه الله وعَفَا عنه- وهو مُنْتَسَخٌ من مُبَيَّضَةٍ بخطٍّ يَدِهِ، وقُوبل بها، فَصَحَّ بِعَوْنِ اللهِ في حَادِي وَعِشْرِيْن ذِي القَعْدَةِ من عامِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَسَبْعِمَائَةَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمين ... ". وفي هَذَا دِلالةٌ وَاضِحَةٌ على نِسْبَةِ الكِتَابِ إِلَى مؤلِّفِهِ. وفي رُؤُوسِ بعض الفقرات صَرَّحَ المؤلِّف باسمِهِ عند تَقْرِيْرِهِ لِمَسْأَلةٍ ما، أو إبداء رَأْيِهِ، أَوْ رَدِّهِ على رأيِ عَالِمٍ، يَقُوْلُ: قَال أبُو الوَليْدِ الوَقَّشِي، أَوْ قَال أَبُو الوَليْدِ هِشَام، أو قال (ش) وهي رَمْزُ (الوَقَّشي).
ففي (1/ 51) قَال نَاقِلُ النُّسْخَةِ: "ذَكَرَ أَبُو الوَليْدِ الوَقَّشِيُّ -رحمه الله- قولَ الشَّافِعِيِّ أنَّ البَاءَ عندَهُ للتَّبعيضِ، فَقَال: هَذَا خَطَأٌ، إِنَّما الباءُ للإلصاقِ وما قالهُ الشَّافِعِيُّ غيرُ مَعْرُوْفٍ في كَلامِ العَرَبِ ... ومثله (1/ 302) وفي (1/ 264): "ذَكَرَ جَمِيع الرُّواة إلَّا القَعْنَبِيُّ فإِنَّه قَال فيه: "مَا مِن أَحَدٍ تُصيْبُهُ ... " وَسَاقَ الحَديث. قَال أَبُو الوَليْدِ هِشَامٌ: "وَهَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ ... ".
وفي (1/ 307): "اختَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ في حَدِّ اليَوْمِ والليْلَةِ فَقَال النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ ... ثم قال: "قَال (ش) والذي يَقْتَضِيْهِ النَّظَرُ أَنَّ اليَوْمَ والنّهارَ حَدُّهُمَا جَمِيْعًا طُلُوع الفَجْرِ إِلَى مَغِيْبِ الشَّمْسِ ... ". ويُراجع (2/ 88، 127، 151،
الصفحة 72