كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 1)
الاستعاذة
فضائلها وحكمها
من فضائل الاستعاذة أنها تدفع الوسوسة كما في قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (¬1) فأمر الله تعالى أن يدفع الوسوسة بالالتجاء إليه والاستعاذة به.
ومن فضائلها أنها تُذهب الغضب، روى الشيخان في صحيحيهما عن سليمان بن صُرَد رضي الله عنه قال: "استب رجلان عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغير، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد، فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: تعوذ بالله من الشيطان. فقال أترى بي بأس، أمجنون أنا؟ اذهب" (¬2) .
واللفظ للبخاري.
وقد أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة للقرآن الكريم فقال تعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (¬3) .
وهذا الأمر على الندب ولا يأثم تاركها وهو قول جمهور أهل العلم (¬4) .
والمراد من الشيطان: شياطين الإنس والجن. قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (¬5) .
¬_________
(¬1) الأعراف آية 200، وفصلت آية 36.
(¬2) انظر (فتح الباري رقم 6048 - الأدب، باب ما ينهى عن السباب واللعن) (وصحيح مسلم رقم 2610 - البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب) .
(¬3) النحل آية 98.
(¬4) انظر تفسير القرطبي 1/86 وتفسير ابن كثير 1/32.
(¬5) الأنعام آية 112.