كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

المانعُ وقعَ في الشريعة على ثلاثةِ أقْسَام:
ما يَمنع ابتداء الحكم وانتهاءه كالرضاع في النكاح، فإنه لو تزوج صغيرة في المهد فأرضعتها أمُّه حَرُمَت عليه، وقدْ كان الابتِداء حلالًا.
الثاني: ما يمنع ابتداءه دون انتهائه كالاستبراء، فإنه يَمنعُ ابتداء العَقْد على المستبرأة، فلو أن زوجة أُكْرِهتْ على الزنى لوجَبَ لزوجها أن يستبرئها، ولا يَبْطُل نكاحُه.
الثالث: مختلف فيه، هل يُلْحق بالأول أو الثاني وله صُوَرٌ.
الصورة الأولى: وُجدَ أنَّ الماءَ يَمنع من التيمم ابتداء، فإن طرأ على التيمم، فهل يُبطلُهُ أو لا (١٢٣)؟ خلاف.
صورة أخرى: الطَّوْل (١٢٤) يَمْنع من نكاح الأمةِ ابتداء، فإن طرأ الطَّوْلُ بعد نكاح الأمَة، فهل يمنع؟ فيه خلاف.
صورة أخرى: وضْعُ اليد على الصَّيْد يَمنع منه الإحرامُ ابتداءً، فإن تقدم وضعُ اليد على الصيد على الإحرام فهل يمنع استمرار اليد أو لا؟ فيه خِلاف.

القاعدة الحادية عشرة (١٢٥):
في تقرير الإشكال الوارد على من قال: عدم المانع شرط، وحد ذلك.
إعلمْ أن وجود الشرط لما كان معتبرًا في ترتب الحكم، وعدَمُ المانع كذلك، مع أن كل واحدٍ منهما لا يَلزم منه الحكم، فقد يوجَد الشرط كالطهارة ولا يوجد المشروط وهُوَ الصلاة، وكذلك قد يُعْدَمُ المانعُ وهو الحيض ولا توجد
---------------
(١٢٣) في نسخة ح: يَبْطلُ (أي التيممُ) من الفعل الثلاثي بطل
(١٢٤) الطَّول: بفتح الطاء: الصَّداق للمرأة في عقد الزواج.
ومنه الآيةُ الكريمة: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [سورة النساء: الآية ٢٥].
(١٢٥) هي موضوع الفرق العاشر بين قاعدتي الشرط وعَدَم المانع. جـ ١. ص ١١١

الصفحة 107