كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

قد يتبدل بحسب اللغات، ومَا كانَ بالعقل لا يتَبَدل، وقال: إذا تبيَّن هذا فأنا أذكر هنا ثلاث مسائل (من حيث هاتين القاعدتين) (١٣٧).
المسألة الأولى:
قال مالك -رحمه الله-: إذا قال لغير الدخول بها: أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنت طالق، لزمه الطلاق الثلاث.
وقال الشافعى: لا يَلْزَمُه إلا طلقة واحدة، وهو الحقُّ. واتفقا على أنه - إذا قال لغير المدخول بها: أنتِ طالقٌ، فأنت طالقِ، ثم أنت طالق، لا يلزمُهُ إلا واحدة. وقالَ أيضا: وفي العطفِ بالواو اشكال فتوقَّف، ولم يتوقف الشافعى (١٣٨) وهو الحق، وهذا بين من حيث إن الترتيب الزماني حاصل وان لم يكن الترتيب الوضعى، فلا فرق بين وجوده وعدمه، إذ لمَّا قال: أنتِ طالق، فأنت طالق، فما جاء قوله: انت طالق الثاني، الا بعد بَيْنُونَتِها، فلا يَلْحَقُه طلاق آخر، كما إذا كان (١٣٩) بأداة الترتيب.
وقول الأصحاب في الجواب عن هذا: إنه طلَّق بالأول ثلاثا، ثم فسَّرَهَ بعد ذلك، لا يصح، لأن الكلام ما وقع إلا فيما كان لَا نية فيه، فَلَوْ نَوى لا نعقَد
---------------
(١٣٧) ما بين قوسين، ناقص في نسخة ح.
وبالنسبة للفصيح في اللغة فإن حيث تضاف دائما أو غالبا إلى الجملة: الفعلية او الاسمية، وذلك ما يقتضى أن يقال في العبارة: من حيث هاتان القاعدتان، لقول ابن مالك في الفيتهِ.
"وألزموا إضافة إلى الجُمَل، حيثُ ... وإذ، وإن يُنَوَّن يُحتمل.
وورد في كلام العرب إضافة حيث إلى المفرد كما في قول القائل،
"أمَا تَرَى حيثُ سهيل طالعا ... نجْمًا يضئ كالشهابِ لامعًا
ولذلك تكون إن بعدها كسورة، لقوله ايضا في مواضع كسر همزة إن:
"واكْسِرْ في الابتداء وفي بدْء صلة ... وحيثُ إن لِيَمِين مُكملةٌ.
واكسِرْ في الابتداء وفي بَدْء صِلَة ... وحيْثُ إن ليمين مُكْمِلَةٌ
أو حُكيتْ بالقول أوْ حَلَّتْ مَحَلَّ ... حَالٍ كَزُرْتُهُ وإتى ذُو وأمَلٍ
والجملة بعد إن هى في محل جر مضاف اليه.
(١٣٨) اى لم يتوقف الشافعى في اعتبار تكرار النطق بالطلاق بعطف النسق بالواو. طلقة واحدة.
(١٣٩) في ح: كما إذا قال (اى كما إذا نطق في العبارات بأداة الترتيب) فيتقارب اللفظان على معنى واحد.

الصفحة 114