كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

مسلم إلا عَن طيب نفسه" (٧) ولا يحصل الرضى إلا مع الشعور والإرادة والمُكْنَةِ من التصرف. (٨)
إذا تقرر هذا، فأزيد ذلك (٩) بيانا بذكر ثلاث مسائل: (١٠)
المسألة الأولى:
إعْلَم أن خطاب الوضع قد يجتمع مع خطاب التكليف، وقد ينفرد كل واحد منهما بنفسه.
أمّا اجتماعهما فكالزنى فإنه حرامٌ، فهو خطابُ تكليفٍ، وهو سَبب الحَدِّ، وهو من هذا الوجه خطابُ وضْعٍ؛ وهذا كثير في الشريعة الاسلامية. وانفرادُ خطاب الوضع كالزوال وطلوع الهلال، ودَوران الحولِ ونحوها. وخطاب التكليف بدون خطاب الوضع كأداء الواجباتِ واجتناب المحرّمات.
---------------
(٧) أوْرَده السيد سابق في كتابه فقه السنة، نقلا عن الإمام الدارقطني رحمه الله، ورواية عن أنس بن مالك رضى الله عنه مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يَحِل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه.
(٨) علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عنذ القرافي في استثناء هاتين القاعدتَيْن فقال في الأولى: ليس ذلك باستثناء من خطاب الوضع، ولكنه ازدواج في هذه الامور خطاب التكليف والوضع، فلحقها اشتراط العقل وما معه من جهة خطاب التكليف لا من جهة خطاب الوضع، فإنه يرتفع التكليف مع عدم تلك الاوصاف، فيرتفع خطاب الوضع المرتب عليه، والله أعلم.
وقال في تعليقه على القاعدة الثانية:
هى أيضا ليست بمستثناة من خطاب الوضع، ولكن ازدوج فيها الخطابان، أما خطاب الوضع فظاهر، وأما خطاب التكليف فمن جهة إباحة تلك التصرفات، لكنها لم تُبْحْ إلا مع العلم والاختيار والرشد، فإذا وقعت عارية عن تلك الأوصاف، غير مصاحبة لها، لم تترتب عليها مسبباتها من وجوه انتقال الأملاك، والذى يوضح ذلك أن اشتراط العلم وما معه في خطاب التكليف مناسب ومطرد، واشتراطه في خطاب الوضع غير مناسب ولا مطرد ... الخ.
(٩) في نسخة ح: فأزيده لك.
(١٠) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي فيها صحيح، والله أعلم.

الصفحة 122