كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

ولا نقول (١١) في مثل هذه: إنها أسباب أيضا من حيث إنها سبب لبراءة الذمة، لأن برآة الذمة ليس من فعل المكلف، ونحن ما نسمى السبب إلا ما كان كذلك.
المسألة الثانية
الصَبيُّ إذا أفْسَدَ مالًا على غيره وَجَب على وليه جَبْرُ ذلك من مال الصبي، فالإتلاف سببُ الضمان، وهو من خطاب الوضع، فإذا بلغ الصبيُّ، ولم تكن القيمة أخذَتْ من مالِهِ وجبَ عليه إخراجُها من ماله بعد بلوغه، فقد تقدم السبب وتأخر أثره إلى بعد البلوغ، ومقتضى هذا أن ينعقد بيعُهُ ونكاحهُ وطلاقه، فإنها أسبابٌ من باب خطاب الوضع الذى لا يُشترط فيه التكليفُ فَينعقدُ من الصبي العالِم، الراضى بانتِقَال ملكه، لأجْل ما تقدم في القاعدتين، والرضَى من الاُسباب، ويتأخر الحكم إلى بعد البلوغ، فيُقضَى (١٢) حينئذ بالتحريم أو غيره كما تأخر ايجاب الضمان إلى بعد البلوغ، قياسا على الضمان. (١٣)
قال شهاب الدين رحمه الله:
ولَمْ أرَ أحدًا قالَ بِه، ثم قال:
والجوابُ، الفرقُ بين الضمانِ وهذهِ الامور من وجهين:
الوجْهُ الأول: أن هذه الأمور يشترطُ فيها الرضَى وإن كانت من باب خطاب الوضع كما قررناه في القاعدتين. والرضى من الصبي معدومٌ شرعًا، والمعدومُ
---------------
(١١) في نسخة ح: ولا يقال.
(١٢) في نسخة ع: فيقضى بالياء، مبنيا للفاعل، والصواب والأظهر فيقْضى بضم الياء وفتح الضاد مبنيا للمجهول) أى فيقضي الفقيه والمفتي أو القاضي ممن له أهلية الفتوى والقضاء.
(١٣) علق الفقيه ابن الشاط على هذه المسألة فقال: ما قاله القرافي فيها صحيح، غير قوله: قد تقدّم استثناء قاعدة الاملاك بن قاعدة خطاب الوضع"، فإنه قد سبق التنبيه على ما فيه وإنما لم تصحَّ تلك الأمور من الصبي لأنه يشترط فها اعتبار المصالح، والصبي ليس بأهل لذلك، والله أعلم.

الصفحة 123