كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
تكون من خطاب الوضع وقد تكون من خطاب التكليف (١٩)، فإن كان لم يفعل شيئا من ذلك حتى دخل الوقتُ فَفِعْلُهُ لَها امتثالٌ لخطاب التكليف، ، وإن كان قد فَعلها قبل دخول الوقت فهي من خطاب الوضع لا من خطاب التكليف. غايةُ ما فيه أن يقال: يجبُ الوضوءُ في حالةٍ دون حالة، وهذا لا مُنْكر فيه، فإن شأن الشريعة تخصِيص الوجوبِ ببعض الحالاتِ وَبَعْضِ الأزمنة وبَعْضِ الأشخاص (٢٠).
القاعدة الثانية (٢١):
نقرر فيها فرض العين وفرضَ الكفاية، ليتحقق الفرق بينهما بذلك فنقول: الأفعال قسمان: منها ما تَتَكرر مصلحته بتكرره، ومنها ما لا تتكرر مصلحته بتكرره. فالقسم الأول شرعَهُ صاحبُ الشرعٍ على الأعيان تكريرا للمصلحته بتكرر ذلك الفعل. والثاني جعله على الكفاية، نفيًا للعبث في الأفعال، وهذا كإنقاذ غريق إذا بادر لإنقاذه أحد، فنزول غيره بعد ذلك لا مصلحة فيه، والأمرُ به من باب العبَث.
---------------
(١٩) عبارة القرافي: "والجواب الصحيح عندي أن هذه الأمور الثلاثة: الطهارة والستارة والاستِقبال شروط، فهى من خطاب الوضع، وخطاب الوضع لا يشترط فيه فعل المكلف ولا علمُه ولا إرادتُه، فإن دخل الوقت وهو غير متطهر ولا لابس ولا مستقبلٍ، توجّه التكليف عليه بهذه الامور وتحصيلها، فاجتمع فيها حينئذ خطاب الوضع وَخطاب التكليف، وإن دخل الوقت وهو متطهر لابِسٌ مستقبِل، اندفع خطاب التكليف وبقي خطاب الوضع خاصة، فأجزأته الصلاة لوجود شروطها، وليس من شرط خطاب الوضع أن يجتمع معه خطاب التكليف، ولا يحتاج إلى شئ من تلك التعسفات، بل تُخَرجه على قعدة خطاب الوضع، ولا يلزم منه مخالفة قاعدة، البتَّة.
(٢٠) وعلق ابن الشاط على كلام القرافي هذا بقوله: "فإذا اجتمع فيها (اى في هذا الامور والاشياء الثلاثة) خطاب الوضع مع خطاب التكليف لزم اشتراط فعل المكلف وعلمِه وارادتِه، ثم قال ابن الشاط:
إنه مسَلَّمٌ أنه ليس من شرط خِطاب الوضع اجتماعه مع خطاب التكليف، ولكن الكلام إنما وقع في امور اجتمع فيها الخطابان معا". اهـ
(٢١) هي موضوع الفرق الثالث عشر بين قاعدتي فرض الكفاية وفرض العين، وضابط كل واحد منهما وتحقيقه، بحيث لا يلتبِس بغيره" جـ ١، ص ١١٦.
الصفحة 126
535