كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
فإذا تقرر هذا فاعلَمْ أن الكفايةَ والأعيان يُتصَوّران في الواجباتِ وفي المندوبات، كصلاة الظهر، والصلاة على الجنازة، وكالأذان والوِتر.
ولْنَذْكُر هنا مسائل:
المسألة الأولى:
يكفي في سقوط المامور به على الكفاية ظنُّ الفعل لا وقوعُه تحقيقا، حتى لو غَلَبَ على ظن كل طائفة ذلك سقطَ عن الجميع (٢٢).
سؤال: إذا كان الوجوب متَقررًا على الجميع فكيف سقط عمن لم يَفعَلْ، بفعلِ غيره، والعبادةُ البدنية، القاعدة فيها أنه لا يُجْزِئ فيها فِعْلُ أحدٍ عن أحد، فكيف وقعت التسويةُ بين من فَعَلَ ومَنْ لم يفعل؟
جوابه أن سبب السقوط ليس فِعْلَ أحد، بل سَبَبُه انَّهُ ما في فعله - حينئذ - حكمة (٢٣).
قلت: سببُ السبب سببٌ، وفعْلُ الغير سببٌ لئلَّا يبْقَى في فعله حكمة فهو سبب.
والحق أن القاعدة ليسَتْ بحق على الاطلاق.، وسياتي الكلام عليها في موضِعها.
---------------
(٢٢) علق الشيخ ابن الشاط على على ما جاء في هذه المسألة الاولى من هذا الفرق عند القرافي فقال: ما قاله في هذا الفرق صحيح، غير قوله: "يكفي في سقوط المامور به على الكفاية ظن الفعل"، فإنه يحتمل أن يقال: لا يكفي الظن، وغير اطلاقه لفظ السقوط عمن لم يفعل، فإن كان يريد أن الوجوب توجه على الجميع ثم سقط عن البعض، فليس ذلك بصحيح، وان أراد بلفظ السقوط أنه لم يجب عليه وأطلق اللفظ مجازا، فهو صحيح. اهـ كلام ابن الشاط رحمه الله.
فإن قيل: يتعذر القطع، فالجواب لا يتعذر القطع بالشروع في الفعل والتهيؤ والاستعداد. أما بتحصيل الغاية فيتعذر، فها هنا يكفي الظن في المقدمات لا في المبادئ.
(٢٣) هذا السؤال والجواب عنه هو مما ذكره الامام القرافي في المسألة الثانية من المسائل الاربعة التي ذكرها في الفرق الثالث عشر لتحقيق الفرق بين قاعدتي فرض الكفاية وفرض العين، وضابط كل منهما، ليس من وضع الشيخ البقوري هنا كما قد يتبادر إلى الذهن.
الصفحة 127
535