كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
وتحريرها أنَّ القائل قائلان: قائل بالوجوب الموسع، وقائل بجَحْدِه، والقائلون به، لهُم قولانِ: أحدُهما أنه يفتقر إلى العزْم إذا تأخر، والآخَرُ أنه لا يحتاج إلى عزم، والقائلون بجحْده، منهم بعض الشافعية قال: يتعلَّق بأوّل الوقتِ، ومَا يقَعُ بغدَ ذلك فهو قضاءٌ يسُدُّ مسدّ الأداءِ، ومسْتَنَدُهُ أن الوجُوبَ معَ جوازِ - التاخير متنافيان. والأصلُ تَرَتبُ المسببِ عَلَى سبَبه، وقد وجد السبب، وهُوَ الزوال، فالوجُوبُ أولَ الوقت.
ويرِدُ عليهِ أنَّ الإذْنَ في القضاء لِتفْويت الأداء من غير عذر، خلاف القاعدةِ المقرَّرة في الشريعة. وبعض الحنفية قال: يتعلق الوُجوبُ بآخِرِ الوقت، وهذا من حيث إن العقاب إنما يترتب على الترك حينئذ، فكان الفعل إن وقع عندهم قبل هذا - يقع نفْلاً سد مسد الفرض. ويَردُ عليه أن إجزاء ما ليس بواجب عن الواجب خلافُ القواعد.
قلت: قد مضى الفرق بين ما ليس بواجب إذا كان ماله الوجوبَ، وبيْن ما ليس ماَلهُ الوجوب، فهذا، الردُّ لا يتَمَشى، فهو كمسألة التعجيل الزكاة.
وقال الكرخي: الفعل موقوف إذا عجله المكلَّفُ، فإن جاء آخِرُ الوقت، والمكلفُ موصوف بصفات التكليف وقع واجباً، وإلَّا كان نفْلاً.
وَيرِدُ عليْه أنَّ كَونَ الفعل حالةَ الايقاع لا يُوصَفُ بكونِه فَرضا ولا نفْلاً، ولا يتعَين فيه نيةٌ لأحدهما، خلاف المعهود في القواعد.
المذهب الرابع، للحنفية أيْضا أن المكلف إن عَجَلَّ منَعَ تعجيلُهُ من تعلُّقِ (٨٧) الوجوب بآخِر الوقت، فلا يجزئ نفْل عن فرض، ولا يكون موقوفا، وإلا كان واجبا آخرَ الوقت.
---------------
(٨٧) في نسخة ح: تعليق
الصفحة 155
535