كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

أُذِن له فيه، والأصل عدم اشتراط سلامة العاقبة، وهو مذهب المالكية، وهو الصحيح من جهة النظر. (٨٩)
القاعدة الثالثة: الواجب به وهو سبب كالزوال للصلاة، ومِلْكِ النِصاب للزكاة، وما أشبه ذلك، فالمنصوب سببا أبداً - القدرُ الشتَرَك، والخصوصيات ساقطة عن الاعتبار، والله أعلم وأحكم. (٩٠).
القاعدة الرابعة: الواجبُ به ايضا، ونريد بهذه، الأداةَ، فإنَّ الباء تكون سببية، وتكون للاستعانة نحو نجرت بالقَدُوم، ولهُ مُثُلٌ. (٩١)
أحدها: الماءُ الذى يُتوضأ به ويغتسل فإنه ليس سببا للوجوب، بل هو أداة يُعمَل بها الفعلُ، وكذلك التراب في التيمم*.
وثالثها: الثوبُ للسترة في الصلاة، والواجب من ذلك ثوبٌ مطلَق، وماءٌ مطلق، وترابٌ مطلق، لا ترابٌ معيّنٌ، ولا ماءٌ معَيَّن، ولا ثوْبٌ معيَّن.
---------------
(٨٩) علق الفقيه ابن الشاط على ما جاء عند الامام القرافي -رحمه الله- في هذه القاعدة الثانية من أقوال المذاهب التي ذكرها وحكاها، فقال ابن الشااط رحمه الله:
ما قاله القرافي من حكاية المذاهب ورَدِ مارده منها صحيح، وما مال إليه من تحسين قول الغزالي ليس بصحيح. إنما الصحيحُ أنْ لا حاجة إلى بدل أصلا. وما قاله من تعلق الوجوب بالقدر المشترك، إن أراد الكلي فليس ذلك بصحيح، وان أراد تعلق الوجوب بفرد مما فيه المشترك فذلك صحيح. وما اختاره وصححه ونسَبَه إلى المالكية في مسألة المؤخِّرِ الذي يموت قبل الفعل صحيح اهـ.
(٩٠) علق ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه القاعدة، ولخصه البقوري فيها، فقال: ماقاله من ان الله تعالى جعل زوال الشمس سببا لصلاة الظهر، وجعَلَ مطلق الإتلاف سببا لوجوب الضمان، ومطلق النصاب سببا لوجوب الزكاة صحيح، وقد سبق له هذا مرارا عديدة. وقد كان يحتمل أن يُحمَل ذلك على أن مراده بالقدر المشترك واحد غير معَين مما فيه المشترك، وأن مراده بالمطلق ذلك ايضا، لولا أن كثيرا من المواضع التي وقع له فيها ذلك القول يصرح فيها بأن القدر المشترك هو الكلي، وهذا لا يمنع من صحة تاويل كلامه بذلك.
(٩١) عبارة القرافي: الواجب به، وهو أداة يُفعَلُ بها، فإن الباء كما تكون سَبَبيّة تكون للاستعانة نحو كتبت بالقلم ونجرت بالقَدوم، فالواجب به الذي هو أداة الشريعة لهُ مثلَ الخ .. وفي نسخة ح: تكون للاعانة. والمشهور على الالسنة استعمال كلمة الاستعانة (اي طلب الاعانةِ على العمل بالأداة).
(*) هو المثال الثاني.

الصفحة 157