كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

دون الأصل في الجميع، فالحنفية طردت أصلَها (١٠٧) دون المالكية والشافعية؟ .
قلت: المستند في ذلك أن ظك الحقائق متعلَّقات الرضى، والرضى لم يحصل إلا بمقابلة الواحد بالاثنين، فلو صححت العقد في البعض، لنقلتَ مِلْك البائع بغير رضاه، ورسول لله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحِلُّ مال امرئ مسلم الَّا بطيبِ نفسه، وهذا لم تَطِبْ نفْسُهُ إلا بما يتعلقُّ العقدُ به، والصُّوَرُ الأخَرُ ليس فيها هذا، فوقع الفرقُ.

القاعدة الثالثة عشرة (١٠٨)
في تقرير أن النهى ينقسم إلى خاص وعام، وتبْيين حالِهما في التنافي أو غَيْرهِ، فنقول:
لا شكَّ أنهُ يوجَد النيى عاماَّ، كقوله: "لا تقتُلوا النفسَ" وخاصا، "لا تقتلُوا الصيد"، ثم إنهما بحسَب التنافي أوْ غيره ينقسمان ثلاثة أقسام:
١) القسم الاول: أن يتضادَّا وَيتنافيا، كقوله: لا تقتُلُوا طلبةَ بنقوله تميم، ولا تُبْقُوا من رجالهم أحداً، فحكْم هذا القِسْم أن يقدَّم الخاصُّ على العام، ففيه جمعٌ بين الدليليْن.
٢) القسم الثاني: أن لا يتضادّا، ولا يكون لأحدِهما مناسبة يختص بها دون الآخَر، كقولك: لا تَقْتُلُوا النفْسَ، لا تقتلوا الرِّجال، الصحيح أنه لا يُخَصِّصُه، إذْ هُما من قاعِدَةِ ذِكْرِ بعض العَام، وجُزءُ الشىْء لا يكون مخصّصا،
---------------
(١٠٧) أىْ جعلتْه مطرِدا، ومنطبقا على جميع الحالات والجزئيات والصور المماثلة، بين أن يكون النهي في نفس الماهية فيقتضى الفساد، أو في أمر خارج عنها فلا، كما سبق بيانه في أول القاعدة الثانية عشرة من هذه القواعد الأصولية.
(١٠٨) هي موضوع الفرق الثامن والثلاثين بين قاعدة النهي الخاص وقاعدة النهي العام. جـ ١، ص ٢٠٩. وقد علق ابن الشاط على هذا الفرق وما يليه من الفروق إلى آخر الفرق السادس والاربعين، فقال: ما قالهُ القرافي في هذه الفروق كلها صحيح، والله أعلم.

الصفحة 165