كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
وقيل على الشذوذ: إنَّهُ يُخَصصه من طريق المفهوم، فإن ذِكْرَ الرِّجال يقتضي مفهُومُه قتلَ غيرهم.
القسم الثالث: أن لا يتنافيا، ويكونُ لأحدهما مناسبة تخصه في متعلّقه، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الاولى: كقوله تعالى "حرمت عليكُمُ الميتة" (١٠٩) وقوله تعالى: "لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرُم" (١١٠) فيضْطَرُّ المُحرِم إلى أكل الميتة أو الصيد، قال مالِك: ياكَل الميتة ويترك الصيد، لأنه كان حُرِّمَ جميع ذلك، إلا أن تحريم الصيد له مناسبة بالاحرام، ومَفْسدتُهُ التى اعتمدها النهيُ إنما هى في الاحرام، وأما مفسَدة أكْل الميتة فذلك أمر عام لا تعَلُّقَ له بخصوص الإحرام، والخاصُّ مِنْ (١١١) المفاسدِ أشَدُّ اجْتنابا، وهذا في العرف كعَدُوِّكَ الخاص بك، وعَدُوِّك من حيثُ المِلة وحَذَرُك من العدُوّ الخاص ينبغي أن يكون أشد من الذى عاداكَ لا بخصوصيتك، فإن شغْل عدوك الخاص بك يكونُ أشَّدَ من شغل عدوك الآخرِ بك.
المسألة الثانية
إذا لم يجد المصلى ما يستره إلا حريراً أو نجسا، قال أصحابُنا: يصلي في الحرير ويترك النَجِس، لأنَّ مفسدة النجاسة خاصةٌ بالصلاة.
فإن قيل: إذا كانت الفْسدة العامة، حميعُ الحالات تَعُمُّها، والخاصةُ ليست كذلك، فالعامة أولى، والقاعدةُ أن المفاسد إذا تعارضَتْ يُصار لِأدناها كما تُقطَعُ اليَدُ المتآكلة لبقاء النفْس، قلنا: هذا مُسَلم، أن الامرَ هكذا يكون إذا لم يكن للمفسدة تعلق بخصوص الحال، وأما إذا كان لها تعلق به فالأمر كما قلنا.
المسألة الثالثة
وقع في المذهب مسألة مشكلة، وهى: أن من استجار دابة إلى بَلد معَيَّن،
---------------
(١٠٩) سورة المائدة: الآية ٣
(١١٠) المائدة: الآية ٩٥
(١١١) في نسخة ح: في. ولعل الأُولى، أنسَبُ ؤاظهرُ في الدلالة على المعنى لأن مِنْ بيانيةٌ.
الصفحة 166
535