كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

القصر على الإتمام، تفضيل تكبيرة الإحرام على غيرفا من التكبيرات، تفضيل قرآة أم القرآن في الصلاة عليه في غير الصلاة، ولله أن يفعلَ ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهذه قاعدة أدرجتها في هذه التي هي القاعدة الخامسة عشرة. (١٣١)
---------------
(١٣١) القاعدة المدرجة هنا هي موضوع الفرق السادس والثمانين بين قاعدة ما يكثر الثواب فيه والعقاب، وبين قاعدة ما يقل الثواب فيه والعقاب، جـ ٢ ص ١٣١.
وقد ذكر القرافي رحمه الله قبل هذا الفرق في معرض إجابته عن الاسئلة الشائكة حول الجمع ليلة الطر، والجمع بعرفة، وترك صلاة الجمعة يوم عرفة، بيانا وتوضيحا فقال: إن المندوبات قسمانِ: قسم تقْصُرُ مصلحته عن مصلحة الواجب وهذا هو الغالب، فإن أوامر الشرع تتْبخ المصالح الخاصة والراجحة، ونواهيه تتبح المفاسد الخاصة أو الراجحة حتى يكون أدفى المصالح يترتب عنه الثواب، ثم تترقى المصلحة والندب وتعظُم رتبته حتى يكون أعلى رتبَ المندوبات تليه ادنى رتب الواجبات، وأدنى رتب المفاسد يترتب عليها أدنى رتب المكروهات ثم تترقى المفاسد والكراهة في العظم حه ى يكون أعلَى رتب المكروهات تليه أدنى رتب المحرمات، هذا هو القاعدة العامة (وهو القسم الاول من المندوبات).
ثم إنه قد وُجد في الشريعة مندوبات أفضل من الواجبات، وثوابُها أعظم من ثواب الواجبات، وذلك يدل عَلى أن مصالحها أعظم من مصالح الواجبات، لأن الأصلَ في كثرة الثواب وقلتِه كثرة المصاع وقلتُها. ألَا ترى أن ثوابَ التصدق بدينارٍ، أعظمُ منه بدرهم، وأن سَدخلة الولى الصالح أعظم من سَدَّخلة الفاسِق الطالح، لِأن مصلحة بقاء الولي والعالم لنفسه ولِلخَلْقْ اعظمُ، هذه هي القاعدة العامة في غالب موارِد الشريعة.
ثم إنه قد وقع في الشريعة مواضع مستوية في المصلحة، وأحدها أكثر ثوابا، كقرآة الفاتحة في الصلاة وغيرها، والتصدق بشاة او دينار في الزكاة، وفي غيرها من صدقة التطوع .. الخ وهو في الشريعة قليل، ولله تعالى أن يفضل أحد المتساويين على الآخَرِ اهـ.
وعلق ابن الشاط على كلام القرافي هنا، فلم يسلم ولم يصحح القول بوجود مندوبات أفضل من الواجبات، ولا باعتبار ثوابها اكثر من الواجبات، وسلم وصحح القول بمساواة التصدق بدينار أو درهم في صدقة الزكاة والتطوع بشرط استواء حال المتصدِّق والمتصدِّق عليه، كما يُسلم باستواء قراة الفاتحة في الصلاة وغيرها، وسلم وصحح القول بأن لله أن يفصّل أحد المتساوين على الآخَرِ بإرادتِهِ وفضله.

الصفحة 176