كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
القاعدة السادسة عشرة (١٣٢)
في تبيين أنه القضاء يجب بالْأمْرِ الأول أو بأمر جديد؟
على أنَّا قدمنا في القضاء حيث حددناه، أنه يجب بأمر جديد، ولكنا نبسط الكلام على ذلك هنا، فنقول:
ذهب بعض الأصوليين إلى أنه يجب بالأمر الأول، والأكثرُ منهم إلى انه يجب بأمر ثان. فمن قال بالأول، قال: إن الامر بالعبادة في وقت معين أمرٌ بشيئين: أحدهما الأمر بالعبادة، والآخَرُ تخصيصه بالزمان، فإذا ذهب أحد الجزئين ينبغى أن يبقى الآمر الآخر، وهو طلب العبادة، قال شهاب الدين - هنا -: لِأن القاعدة أن إيجاب المركَّب يقتضى إيجاب مفرداته.
قلت: إن كان المراد أن من ضرورة وجود المركب أنه لا يكون إلا بوجود كل جزء من أجزائه، فإذا أوجب إيجادَ المركب فقد أوجب إيجاد كل جزء، فَنَعَم، وفرقٌ بيْن تعلق الوجوب بكل فرد من الأفراد حالة الاشتراك، وبيْن تعلقهِ بكل فرد حالةَ الانفراد. هذه ما وجَبَتْ قط، ولا لزمت من حيث إيجاب المركب، وإلَّا لزم - إذا قلنا: إضرب زيداً العاقل - أن يكون أمراً بضرب زيد غير العاقل وبضرب زيد العاقل، فإن التقييد بالصفات كالتقييد بالظروف بلَا فرق، واذا كان الآمر هكذا، فقضية القضاء يجب بالأمر الأول او بالأمر المجَدَّدِ لا نسبةَ بينها وبَيْن أن إيجابَ المركب يقتضى ايجاب مفرداتِه، حتى يحتاج إلى الفرق بين القضيتين.
ولنرجع إلى مسألة القضاء.
قال شهاب الدين: وإذا كانت الأوقات المعيَّنة إنما خصصت بالعبادة لأجل مصالح فيها دون غيرها، كانَ الاصل أن لا يجب الفعل في غير ذلك الوقت،
---------------
(١٣٢) هذه القاعدة أدرجها شهاب الدين القرافي في الكلام على فَرقٍ سابق، هو الفرق السادس والستون في كتابه الفروق، بين قاعدة ما تعين وقته فيوصَف بالأداء وبَعده بالقضاء وبَيْن قاعدة ما تعين وقته ولا يُوصَف فيه بالأداء، ولا بعده بالقضاء، والتعيينُ في القسمين شرعيُّ.
وتوسع فيها، ولم يتحدث عنها في فرق خاص بها، فليراجعها من أراد التبسط في ذلك. جـ ٢، ص ٥٦ - ٥٧.
الصفحة 177
535