كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

بالحقيقة المطلولة منه إلا إذا لم يات بفرد من الأفراد، فمن المعلوم البيِّن أن فاعل الاخصِّ فاعِلُ الأعم، وإذا كان كذلك فلا سبيل إلى الخروج عن العهدة في النهي إلا بترك كل فرد، والتخيير مع النهي عن الترك محال عقْلاً (١٣٥).
فإن قيل: قد وقع النهي عن الأختين، وخُيِّرنا في إحداهما لا بعينها، وكذلك البنتُ مع الأم، قلنا: لم يقع النهي - هنا - عن المشترك بين الأفراد وخُيِّرنا في الأفراد كما قلنا في خصال الكفارة، بل نُهِينَا - هنا - عن الجَمعِ، وهذه الحقيقة التى هي الجمعُ بين الأختينِ، تُفقد لفقد جُزْءَيْها معا، وهما الاختان، وتُفقد لفقدِ الواحدة منهما، فيخرج عن العهدة بواحدة لا بعينها كذلك، لأن التخيير وقع في شيء من ذلك، والله أعلم.

القاعدة الثامنة عشرة (١٣٦):
في تقرير التخيير بين أشياء لا يقتضي التسوية بينها ولابد، بل قد يكون ذلك وقد لا يكونه.
فالتخير الذى يقتضى التسويةَ كالتخيير في خصال الكفارة، والتخييرُ الذى ليس التسويةُ كتخيير صاحب الدين بالنَّظِرة والِإبراء، وهما غير متساويين، لأن نَظِرةَ المعْسر تجب، وإبراوُهُ مندوب اليه، ومثل هذا قوله تعالى: ، "يا أيها المزمل قُمْ الليل
---------------
(١٣٥) علق ابن الشاط على جاء عند القرافي في اول هذا الفرق ٤٧، فقال: قوله: ان الامر في خطاب الكفارة متعلق بأحدها صحيح، وقوله: الذى هو قدر مشترك بينها، ليس بصحيح، فإنه ليس مفهوم أحد الامور الا واحدا فها مبْهباً غير معيّن، لا الحقيقة المشترك بها، ولو تعلق الوجوب بالحقيقة من حيث هي تلك الحقيقة للزم شمول الوجوب لكل شخص مما فيه تلك الحقيقة، وليس الا فرد كذلك - وقوله: لِصدقه على كل واحد منها (اى لصدق المفهوم الذي هو قدر مشترك بين خصال الكفارة)، لا يلزم من ذلك أن يُرادَ به الحقيقة المشترك فيها.
والمشترك هو متعلَقُ الامر ولا تخيير فيه، يقولُ القرافي: والخصوصيات هي متعلق التخيير ولا وجوب فيها. قال ابن الشاط عن كون الخصوصيات هي متعلق التخيير: ذلك صحيح إن أراد من حيث تعين كل واحد فها، وإن اراد أنها متعلق التخيير من حيث دخولها تحت المشترك فلا.
(١٣٦) هي موضوع "الفرق الثامن والاربعين بين قاعدة التخيير الذي يقتضى التسوية، وبيْن قاعدة التخيير الذى لا يقتضى التسوية بين الاشياء المخيّر بينها". جـ ٢ ص.٨.

الصفحة 179