كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

بِعقدٍ عمرو (١٦١) عليها متوقف على إذنها ووليها وصدَاق، وهذه هي الصورة التى اعترضْنا بها أولا، فلَا اطراد. (١٦٢)
قال رحمه الله: ورابعها، الحربي مستباح الدَّم، تزول إباحته بالتأمين، وهو سبب لطيف. وإذ حرم دمه بالتامين لا يباحُ إلا بسبب قوي يزيل تلك الإِباحة من خروج علينا او ما أشبهه.
قلت: يمنع الخصم له تفاوتَ السببيْن، بل يعكس الأمر عليه، ثم قال (أي القرافي).: ونظائر هذه القاعدة في الشريعة كثيرة.
قلت: قد ظهر بما قلناه أن القاعدة لم تقرَّر بما ذكره، بل لو سلِمتْ له الصور من الاعتراض ما كانت هذه الصور لقلتها يكتهى فيها بتقرير هذه القاعدة، لا سيما مع ما أبديناه فيها، والله إعلم.
ثم قال شهاب الدين رحمه الله:
وقد رام الأصحاب التحنيث بجزء المحلوف عليه على هذه القاعدة، فإن الحنث خروج من الإباحة إلى الحرمة، ويكفى فيه أيْسَرُ سبب، فيحنث بجزء المحلوف عليه إذا حلف لا ياكل هذا الرغيف أكلَ منه لبابةً، لأنه على بر وإباحة
---------------
(١٦١) كلمة عَمرو، موجودة في نسخة ع، وح، ساقطة في نسخة ثالثة، ولعل النسخة التي سقطت منها كلمة عمرو أنسب وأوضح، حتى يصح وصِف النكرة بالنكرة، إذ إضافة عقدٍ إلى عَمرو صيره معرفة بالإضافة، وكلمة متوقفٍ نكرة، والتطابقُ بين الوصف والوصوف في التعريف او التنكير مطلوب، وفي ذلك يقول ابن مالك رحمه الله في الفيته، في باب النعت:
ولْيُعطَ في التعريف والتنكير ما ... لما تَلا كامرُر بقوم كُرَمَا.
(١٦٢) قلت: من المقرر شرعا وفقها أن المطلقة طلقة رجعية تعتبَرُ في عصمة زوجها إلى حين انتهاء عدتها، فإذا انتهب عِدتها وبانت بينونة صغرى، فإن من حق زوجها إذا رغب في ذلك أن يسترجعها ويتزوجها من أخرى بعقد جديد مستوف لشروطه الشرعية، ولذلك فإباحة التزوج بها من جديد ثابتة وحاصلة لا يمنع منها إلا تزوج الرأد بزوج آخر بعد انتهاء عدتها من الأول، ولذلك فلعل اعتراض الشيخ البقوري رحمه الله غير وارد، وغير ثابت، فيبقى اطراد ما قاله القرافي في مسألة الأجنبية، هذا ما ظهر في المسألة. والله اعلم.

الصفحة 190