كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

بعضِ لزم خلاف الِإجماع، فإن القائل قائلان: قائلٌ بالحِنث في الجميع وهو مالك ومن قال بقوله، وقائل بأنْ لَا حنث في الجميع وهو الشافعي ومن تبِعه، فهذه هى صورة الفرض والبناء. وضابطها أن يكون الانسانُ يُساعده الدليل في بعض صور النزاع دون بعضِها، فيُفرضُ الاستدلال في تلك الصورة التى يساعده الدليل عليها، فإذا تَمَّ له فيها الدليل بَنَى الْباقي على ذلك.
وردَّ شهاب الدين -رحمه الله- هذا أيضا بِسبب أن المُناظِر قائمٌ مقام إمامه المجتهد، فلَهُ - إذا قال خضمُه: لا يحنث عندي في الجميع - أن يقول: يحنث عندي في البعض دون البعض.
نعَم، هذه الطريقةُ تَتِم في المناظرة جدلا بعد تقرير المذاهب، أمَّا والمجتهدُ مُجْتهد (١٦٥) فلا يصح له الاعتماد على ذلك. (١٦٦)

القاعدة الثالثة والعشرون (١٦٧)
ذكر شهاب الدين -رحمه الله- فرقين في كتابه:
---------------
(١٦٥) هكذا في النسختين باسم الفاعل، والذي في الفروق يجتهد بالفعل المضارع.
والمعنى واحد، واسم الفاعل حقيقة في الحال، والفعل المضارع يدل على التجدد والاستمرار.
(١٦٦) وقد اعتبر القرافي طريقة الفرض والبناء ضعيفة بسبب أن الناظر قائم مقام إمامه المجتهد، والمجتهدُ لا يجوز له أن يعتمد على قولنا: لا قائل بالفرق (اي بين المسائل التي يساعد فيها الدليل والمسائل التى لا يساعده فيها) في مسائل الحلف باليمين والحنث فيها، وبين الصورة المجمع على الحنث فيها والصور المختلف فيها) فليتأمل في مسائل هذه القاعدق الثانية والعشرين من اولها إلى اخرها. ولذلكم قال القرافي في آخر الجملة والفقرة عند قوله: والمجتهد يجتهد فلا يصح له الاعتماد على ذلك قال: وبالجملة فالمسألة عندنا مشكلة إشكالا قويا، فتأمله.
وعقب ابن الشاط على هذا الْكلام بقوله: الإشكال على المذهب كما قال بناء على ما قرَّر. ولقائل أن يقول: إن مُدرك مالك رحمه الله الاحتياط للأيمان فأخذ بالْأشد، ومُدْرك الشافعي رحمه الله حَملُها على مقتضاها المتيقن فأخذ بالأخف، فلا إشكال، والله أعلم وليتأمل ما جاء في هذه القاعدة من صورة اليمين واحنث فيها لفهم كلام القرافي وكلام ابن الشاط رحمهما الله.
(١٦٧) هى موضوع الفرق العاشر والمائة بين قاعدة ما تصحح. النيابة فيها وقاعدة ما لا تصح النيابة فيه عن المكلف. جـ ٢ ص ٢٠٤
وانظر الفرق الحادي والسبعين والمائة بين قاعدة ما يجزئ فيه فعل غير المكلف عنه وبين قاعدة ما لا يجزئ فيه فعل الغير عنه. جـ ٣. ص ١٨٥.

الصفحة 193