كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

الفرق العاشر والمائة بين قاعدة ما تَصح فيه النيابة وبين ما لا تَصح، والفرق الثاني: الحادي والسَّبْعين والمائة بين قاعدة ما يجزئ فيه فعل غير المكلَّف عنه وبين قاعدة مالا يجزئ فيه فعل الغير عنه، ورأيتهما شيئاً واحداً، (١٦٨) فلنقرر مقتضاهما معاً في هذه القاعدة، فقال رحمه الله:
الأفعال المأمور بها ثلاثة أقسام (١٦٩):
(١) قسم اتفق الناس على صحة فعل غير المأمور به عن المأمور، وذلك ما تحصُلُ مصْلحتُهُ مع قطع النظر عن فاعله، كرد الغصوب، وأداء الديون.
٢) وقسْم اتفِقَ على عدم إجزاء ذلك، وذلك ما تتوقف مصلحته على المأمور به، كالإيمان، والتوحيد، فإن مصلحتهما الخشُوعُ والإجلال، وإنما يحصل من جهةِ فاعلهما.
---------------
= وقد ذكر ابن الشاط رحمه الله كلاما هاما ونفيسا في موضوع ما تصح فيه النيابة عن المكلف ومالا تصح، رأيت أن أنقله وأضيفه إلى كلام القرافي وكلام البقوري رحمهم الله جميعا، فقال معلقا على كلام القرافي هنا:
صحة النيابة في الافعال كلها: القلبية وغيرها، جائز عقلا، لكن الشرع حكم بصحة النيابة في بعضها دون بعض، فأما الاعمال القلبية فلا أعلم خلافاً في عدم صحة النيابة فيها إلا ما كان من النية كإحجاح الصبي وفي سائر نيات الأعمال التي تصح النيابة فيها على حسب الخلاف في ذلك أيضاً، وأما غير القلبية، فالمالية المحضة لا أعلم خلافا في صحة النيابة فيها، وأما غير المالية المحضة فقد حكى بعضهم الإجماع في عدم صحتها في الصلاة، والخلاف فيما عداها، وحكى بعضهم الخلاف في الصلاة أيضا.
وما قاله شهاب الدين وجعله ضابطا للوفاق والخلاف، من مراعاة كون مصلحة ذلك الأمر يُشْتَرط فيها حصولها من النائب كحصولها من المنوب عنه، وحينئذ تصح، ينتقض بالصوم، فقد صح الحديث بجواز النيابة فيه، وما رجح به مذهب مالك في الحج ظاهر، والله أعلم اهـ.
(١٦٨) ملاحظة الشيخ البقوري على هذين الفرقين بأنهما شيء واحد، هي نفس ملاحظة الفقيه ابن الشاط حيث قال في مطلع الفرق ١٧١:
إن ما ذكر القرافي في هذا الفرق هو بعينه ما ذكره في الفرق قبله ١١٠. عمر أنه في الفرق الواحد والسبعين والمائة ذكر مسائل لم يذكرها في الفرق العاشر والمائة، كما نه ذكر بعد هذا في الفرق السادس عشر والمائيين (٢١٦) قاعدة ما يجوز التوكيل فيه وقاعدة ما لا يجوز التوكيل فيه، وهو قريب منه أو هو، هُوَ.
(١٦٩) تقسيم الأفعال المأمور بها إلى ثلاثة أقسام، وما جاء بعدها من المسائل هي مما ذكره القرافي في الفرق الواحد والسبعين والمائة، فليرجع اليه من أراد التوسع في مسائله.

الصفحة 194