كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

قلت: قد مضى الإشكال الوارد على القاعدة المسماة بقاعدة التقدير، وذلك مِمَّا يزيد المسألةَ إشكالا، والله أعلمُ (١٨٥).
قلت: ولشهاب الدين -رحمه الله- قاعدة أخرى، وهى الفرق الثاني والسبعون والمائة بين قاعدة ما يصل إلى اليت وقاعدة ما لا يصل إليه، رأيت ذِكر هذا الفرق هنا بإثر هذا، وإلحاقَه بهذه القاعدة. (١٨٦).
قال شهاب الدين رحمه الله:
القُربات ثلاثة اقسام:
١) قسْم حجَّر اللهُ على عباده في ثوابه، ولم يجعل لهُم نَقلَه لغيرهم، كالإيمان والتوحيد، فلو أراد أحدٌ أن يهبَ قربية الكافر إيمانَه ليدخل الجنة دونه لم يكن له ذلك، بل إنْ كفَرَ اروىُّ هلَكَا معَاً.
قلت: لا شك أن الإيمان الحاصل عند زيد لا يقبل الهِبة بأن يحصل لزيد الكافر، وكلامُنا ليس في ذلك، إنما كلامنا في أن يستقر الايمان لزيد، وما
---------------
(١٨٥) قال القرافي رحمه الله بعد كلامه على القواعد الأربعة التي قوله ذكرها في مسألة العتق هذه ما نصه: فهذه القواعد هى سر هذه المسألة، وهي مشكلة، وأشكَلُ منها ما نصَّ عليه عبد الحق أنه يجوز العتق عن الغير تطوعا بغير اذنه، وهذا أشكل من الواجب، لأن الواجب فيه دلالة على الحال دون المقال، وها هنا لا دلالة حال ولا مقال فلا يتجه، ويكون أبعد من العتق عن الواجب. ومن يشترط الإذن يقول: الإذن تضَمن الوكالة في نقل ملكه للآذن وعتقه عنه بعد انتقال الملك، ويكون المأذون وكيلا في الأمرين ومتوليا لطرفي العقد. والموجب لهذه التقادير كلها أنه لا يصح هذا التصرف إلا بها، وما تعذر تصحيح الكلام إلا به وجب المصير إليه، صونا للكلام عن الإلغاء. فهذا تحرير هذا الفرق ومسائله.
وقد عقب عليه ابن الشاط رحمه الله بقوله: لا إشكال في ذلك، بناء على قاعدة جواز النيابة في الأمور المالية، عبادة كانت أو غيرها، ولا يحتاج فيها إلى الإذن ولا إلى تقدير الملك والوكالة، والله أعلم.
(١٨٦) هذا الفرق المذكور الموفي الفرق ١٧٢ جـ ٣. ص ١٩٢، قال عنه ابن الشاط رحمه الله. "ما قاله القرافي في هذا الفرق صحيح". فليتأمل ما اورده فيه وذكره بتفصيل واختصره ولخصه تلميذه البقورقوله، رحمهما الله، ورحم كافة علماء المسلمين، وسائر المؤمنين، فإن كلامهما فيه نافع ومفيد إن شاء الله، ومزيل لما يستشكله بعض الناس في هذا الموضوع.

الصفحة 199