كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
يعطاه عليه من ثواب. خرج عنه للكافر، فهذا ليس يمتنع عقلا، ولكنه لا أحد ينقل في هذا أن الله أذِنَ فيه.
قال: وقسم اتفق الناس على أن الله تعالى أذن في نقل ثوابه للميت، وذلك القربات المالية، كالصدقة والعتق.
وقسم اختلِف فيه، وهو الصيام والحج وقراءة القرآن، فلا يصل من ذلك للميتِ شئ عند مالك والشافعى. وقال أبو حنيفة وابن حنبل: يصل ثوابُ القراءة للميت.
قلت: قد مضى أن الشافعى رُوى عنه جوازُ الصوم، وابنُ حنبل ذكره عنه، فليس يزيد في النقل - ها هنا - عنه القراءة، أن الصوم بخلاف القراءة. والخلاف في هذه المسألة يرجع إلى المسألة الأولى، وهي أن الاعمال البدنية لا ينوب فيها أحد عن أحد، لأن الصلحة فيها للعامل، بخلاف الماليات وما يشبهها مما المصلحة فيها لا تتوقف على العامل، كرد الغصوب، والثوابُ مرتَّب على الأعمال، فحيث كانت المصلحة تحصل دون العامل وصحت النيابة، صح انتقال الثواب.
قال شهاب الدين رحمه الله:
واحتج ابن حنبل بالقياس على الدعاء فإنه مجمَعٌ عليه، وبظاهر قوله عليه والسلام: "صلِّ لهما مع صلاتك، وصُمْ لهما مع صيامك"، يعني أبويه (١٨٧)
---------------
(١٨٧) الصلاة لغةً هي الدعاء، وشرعاً هي العبادة الخصوصة على الكيفية الخصوصة والمشروعة، وهي عبادة وفريضة عينية على كل مسلم ومسلمة، وهذا الحديث لم أطَّلعْ بعد على من رواه وأخرجه. وبمعنى الدعاء فسر المفسرون قول الله تعالى خطابا لنبيه الكريم في شأن أخذ الزكاة من المؤمنين: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم" (اي أدع لهم) "إن صلواتك سكَن لهم"، اى إن دعاءك لهم رحمة وسكينة وطمانينة يجدونها في نفوسهم وقلوبهم.
وللنسائي حديث يقول: "لا يُصَل أحد عن أحد، ولا يصم أحد عن احد"، وهو مستند ودليل من أدلة من يري عدم صحة الصلاة والصيام عن الميت، والمسألة خلافية بين الائمة والصلاة على الخصوص هي محل إجماع في عدم صحة النيابة فيها عن الغير.
الصفحة 200
535