كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

الزوجة بالالتزام (٢٠٥)، إذ الطلاق يستلزم مطلَّقَة، بل ما كان التعميم إلا من حيث إنه ليس تعيين البعض عن البعض براجح، فلأجل عدم الرجحان قلنا بالتعميم، فإذا وجدت النية وجد المرجح، فلا تعميم. (٢٠٦)
المسألة الْأَخرى، إذا أتى بصيغة عموم، فقال: والله لا لبست كتانا، وقصد به بعض الثياب، ذَاهِلاً عن البعض فإنه لا ينفعه ذلك؛ لأنك ستقف على الفرق بين النية المؤكِدة والنية المخصصة، وهذا عام يحتاجُ إلى التخصيص بالْمُخْرِج
---------------
(٢٠٥) من مباحث علم أصول الفقه وعلم المنطق مبحث تقسيم دلالة اللفظ على المعنى إلى ثلاثة أقسام: دلالة المطابقة (بفتح الباء)، ودلالة التضمن، ودلالة الالتزام، فالأولى هي دلالة اللفظ على تمام مسماه ومعناه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، ودلالة علي أو خالد أو زيد على ذات شخص معيَّنةً، وذلك لمطابقة اللفظ لمسماه الذي وضع له. ولثانية، في دلالة اللفظ على جزء مسماه وعلى بعض معناه، كدلالة الإنسان عى الحيوان فقط، أو الناطق (اى المفكر) فقط، وذلك لأن اللفظ تضمن لها معناه الكل، والثالثة هي دلالة اللفظ على أمر خارج عنه، لازم له في الذهن كدلالة الأسد على الشجاعة مثلا.
وقد جمع هذا الأنواع الثلاثة للدلاله الفقيه العلامة الاخضرى في بيتين من منظومته متن السلم، والمشار إليها آنفًا، بقوله:
دلالة اللفظ على ما رافقَه ... يدعونها دلالة المطابقة
وجزئه تضمُّناً، وما لزم ... فهو التزامٌ إن بعقْل التُزِم
(٢٠٦) علق ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة الأولى، ولخصه البقورى فيها، فقال: كان ينبغى على ما قرره من أن المدلول عليه التزاما مطلق، ألَّا يعمهن الطلاق، ويخيَّر في التعيين أو يقرع بينهن، ولم يقل العلماء بعموم الطلاق فهن إلا احتياطا للفروج وصونا لها عن مواقعة الزنى، فإن الطلاق قد ثبت بقوله: علّي الطلاق أو ما اشبه ذلك، ووقع الشك والاحتمال في عمومه لمحاله أو خصوصه، فحمل على العموم بها احتياطًا، كما فيما إذا طلق وشك هل واحدة أو ثلاثًا يحمل على الثلاث، بخلاف ما إذا شك في أصل الطلاق فإنه لا يلزمه شيء، استصحابا لأصل العصمة"اهـ. كما علق على مسألة مماثلة ذكرها القرافي، وهي قول القائل: "الطلاق يلزمنى" فقال (اي ابن الشاط: إن كان للعموم فهو في معنى كل طلاق أملكه يلزمنى، فيلزم على ذلك طلاق جميع الزوجات، وفي كل واحدة جميع الطلاق كما سيأتى الكلام عليه في الفرق الذي أحالَ عليه. اهـ.
كما علَّق ابن الشاط على مسألة مماثلة ذكرها القرافي وهي قول القائل: "الطلاق يلزمنى"، فقال: إن كان للعموم فهو في معنى كل طلاق أملكه يلزمنى، فيلزم على ذلك طلاق جميع الزوجات وفي كل واحدة جميع الطلاق كما سيأتى الكلام عليه في الفرق الذي أحال عليه.

الصفحة 208