كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

فلنذكر ثلاث مسائل هي ظروف للتكليف فقط:
المسألة الرابعة: قضاء رمضان يجب وجوبًا موسَّعًا إلى شعبان من تلك السنة، كما يجب الظهر وجوبًا موسَّعا من أول القامة إلى آخرها. غير أن هذه الشهور هي ظروف للتكليف فيها بالقضاء، دون أن يكون شيء من أجْزائها سببا للتكليف، بدليل أن من زال عذره فيها لا يلزمه شيء، وإنما السببُ في وجوب هذا الصوم أجزاء رمضان السابق، فكل يوم هو بسبب لوجوب القضاء في يوم آخر من هذه الشهور إذا لم يصم فيه. ولا يعتقد أن رؤية الهلال له سبب في القضاء إلا من حيث إنه سبب لجعل كل يوم من أيام الشهر سببا لوجوب الصوم (٢٢٠)، ثم إذا ترك ذلك الواجب كان سببا، فالسبب الترك لا الهلال، ولكنه انْبَتَى على الترك أنه سبب على وجوب الفعل، والله أعلم.
المسألة الخامسة: جميع العُمُر ظرف لوقوع النذُور والكفارات، لوجود التكليف في جميع ذلك، وهذا بعد البلوغ ولزوم التكليف، وليس شيء من ذلك سببا، بل السبب اليمين أو الالتزام.
المسألة السادسة: شهور العِدّة ظرف للتكليف بالعِدة لوجودها فيها، وليس شيء من أجزائها سببا للتكليف بالعِدة، بل السبب الوفاة أو الطلاق، وهذه الشهور تشبه شهور قضاءِ رمضان من هذا الوجه، وتفارقها من جهة أنها مضيَّقة، وتلك، التكليفُ فيها موسعٌ، ولنذكر المسألة السابعة لِمَا تركّبَ من القسمين.
المسألة السابعة: زكاة الفطر، قيل: تجب بغروب شمس آخِرِ أيام رمضان، وقيل: بطلوع الفجر يومَ الفطر، وقيل: بطلوع الشمس منه، وقيل:
---------------
(٢٢٠) عبارة القرافي هنا أظهر حيث قال: ولا يعتقد أن سبب وجوب القضاء هو رؤية الهلال فقط، بل رؤية الهلال سبب لجعل كل يوم من أيام رمضان سببا للوجوب وظرفا له، فيصير سببُ رؤية الهلال كل يوم سببا لوجوب الايقاع فيه، وتفويته سببا للصوم في يوم آخر من هذه الشهور فقط، فتأمل ذلك فقَل من يتفطَّن له، بل يعتقد في بادئ الرأي أن سبب القضاء والأداء هو رؤية الهلال فقط، وليس كذلك ... الخ.

الصفحة 213