كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

المتعلق منها بالعموم والخصوص وما يناسبها: تسع قواعد
القاعدة الأولى: (١)
نقرر فيها أن المفرَدَ المعرَّف بالألف واللام يفهَم منه العمومُ، وأن ما قاله الفقهاء في الطلاق جاء على غير الأصل، فنقول:
أمّا أنّها تفيد العموم فظاهر من قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (٢) إذ لَو لم تكن للعموم لمَا صَح الاستثناء الآتي بعد ذلك. وكذلك - أيضًا - قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (٣)، وكذلك قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٤).
قلت: المشهور عن الأصوليين أن المفرد المعرّف بالألف واللام لا يفيد العموم، فإن جاء العموم في بعض المواضع فما ذلك لِلألِف واللام، فإنه لو كان لها لا طرَّد كما الألف واللامُ مع الجمع، وسيأتي تحقيق لهذه المسألة في موضع آخر بعدها. (٥).
---------------
(١) هي موضوع الفرق الثالث والسبعين بين قاعدة المفرد المعرف بالألف واللام يفيد العموم في غير الطلاق، نحو {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، وبين قاعدة المعرَّف بالألف واللام في الطلاق لا يفيد العموم". جـ ٢، ص ٩٤.
(٢) سورة العصر: الآية ٢
(٣) سورة الأنعام الآيه ١٥١.
(٤) سورة البقرة: الآية ٢٧٥.
وقد علق الفقيه ابن الشاط على ما جاء عند الإِمام القرافي ولخصه البقوري رحمه الله في هذه المسألة، فقال: ما قاله صحيح إلا في قوله. {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} , {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ} أنه للجنس، فإنه إن كان يعني الحقيقة فذلك صحيح، وإن كان يعني أنه للاستغراق فلا، اهـ. رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين وعن سائر علماء المسلمين.
(٥) العام عند علماء الأصول، وكما عرفه تاج الدين عبد الوهاب بن السبكي رحمه الله في كتابه الشهير، جمع الجوامع في أصول الفقه: هو لفظ يستغرق الصالح له من عير حصر". ثم قال عن صيغ العموم: "والجمعُ المعرف باللام أو الاضافة للعموم، والمفرد المحلى باللام مثله، خلافًا للإِمام الرازي".

الصفحة 222