كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)
المسألة الثالثة: (١٣)
قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (١٤)، مفهومه أنكم إذا لم تخشوا الإملاق لم يحرم عليكم القتل، وهو مفهوم مُلْغىً إجماعا، بسبب أنه قد غلب في العادة أن الإنسان لا يقتل ولده إلا لضرورة، لأن حنة الأبوة تمنع القتل، فكان الغالب عليهم في القتل أنه كان مخافة الفقر.
---------------
(١٣) علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء في هذه المسألة الثالثة بقوله: "إنما ألغى هذا المفهوم، لمعارضته الأدلة الدالة على المنع من قتل من لم يَجْنِ جناية توجب القتل، ولداً كان أو غيره ...
(١٤) سورة الإسراء، الآية: ٣١. وتمامها قوله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}، وفي معناها قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: ١٥١]. والفرق بين الآيتين في المعنى ظاهر، وهو أن آية النهي عن قتل الأولاد في سورة الأنعام تفيد النهي عن ذلك من إملاق حاصل وواقع فعلا، وتدل عليه، بينما آية الإسراء تفيد النهي عن قتل الأولاد خوف فقر متوقع ومنتظَر"، فطمأن اللهُ النفوس وأخبرها بأنه سبحانه تكفل بأرزاق الآباء والأولاد على السواء، وأن الإنسان مطلوبٌ منه فقط أن يتخذ الأسباب المشروعة للوصول إلى تلك الأرزاق وادراكها ونيلها، عملا بقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.
الصفحة 261
535