كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

قلت: عدُّ هذا في المتفق عليه لا يصح، فكثير من النحويين يقول: القسَمُ جملة يؤكَّدُ بها جملة أخرى، كلتاهما خبرية، والقليل قال بأن القسم جملة إنشائية.
قال (أي القرافي): القسم الثاني الأوامر والنواهى، وهذا من حيث إن الصدْق والكذب لا يتبعهما من حيث الإجمال، ويلزَمُ فيها جمع لوازم الإنشاء.
القسم الثالث: الترجى والتمني والعَرْض، فهي كالأوامر لا تحتمل تصديقا ولا تَكْذيباً، وهى للطلب ويتبعُها ويترتبُ عليها.
القسم الرابع: النداء نَحْوُ بَازيد، لا يحتمل صدقا ولا كذبا، سواء قلنا بتقدير الفعل فيها، وأن المراد أنادى زيدا، أولا، هى للإنشاء، فإن احتمال الصدق والكذب لا يكون فيه. (٤١)
وأما المختلَف فيه فصيغ العقود، نحو بعتُ، واشتريت، وأنت حُرٌّ وامرأتى طالق، وما أشبه ذلك، فالحنفية تقول: هى إخبارات، وقد بقيت على أصل وضعها ولم تُنقل، إذْ النقل خِلاف الأصْل.
وقال غيرهم: هى إنشآت منقولة عن الخبر إليها. فالقائل بالإنشاء يقول: لو كانت خبراً لكانت كاذبة، فإنها تقتضى أنه باع ولم يبع قبل ذلك الوقت، ولم يطلق، والكذب لا عبرة به، لكنها معتَبَرة فهي إنشآت.
---------------
(٤١) علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه الأقسام الأربعة المندرجة في المتفق عليه فقال: جميع ما قاله في ذلك ظاهر صحيح، غير قوله في القسم الأول: "فإن مقتضى هذه الصيغة (أقْسم بالله لقد قام زيد ونحوه) أنه أخبر بالفعل المضارع أنه سيكون منه قسمٌ في المستقبل " ليس بصحيح، مع تسليم ما حكاه من الإجماع عن أهل الجاهلية والإسلام أنه بهذا اللفظ أنشأ القسم. وإذا كان الأمر كما قال عندهم، وهم جميع أهل اللسان، فكون تلك الصيغة مقتضاها الإخبارُ، إنما يكون عند غير أهل اللسان، ولا اعتبار بهم ولا حجة فيهم. اهـ.

الصفحة 281