كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

وثانيها لو كانت إخبارات للزم الدوْرُ من حيث إن الخبر الكاذب لا عبرة به، والصدق يستلزم تقديم تلك الأحكام، واللفظ يدل على تلك الأحكام، وذلك يدل على تأخر الأحكام فكان دَوْراً.
وثالثها، لو كانت إخباراتٍ، فإما أن تكون خبرا عن الماضى أو الحاضر، وحينئذ يتعذر تعليقها على الشروط، لأن من شرط الشرط أن لا يتعلق إلا بمستقبل أو خَبرٍ عن المستقبل، وحينئذ لا يزيدُ على التصريح بذلك، وهو لو صرَّح وقال لامرأته: ستصيرين طالقا لم تطلّق بذلك اللفظ.
ورابعها: أنه لو قال للرجعية: أنت طالق ألزمته طلقة أخرى، وذلك يدل على الإنشاء لا على الخبر.
وخامسها، أن الإنشاء هو المتبادر إلى الفهم في العرف فوجب أن يكون منقولا إليه.
قال: والجوابُ، (٤٢) أما الأول فإنما يلزم الكذب لو لم يقدر فيها صاحب الشرع تقدم مدلولاتها بالزمن الفرد، وهو جائز ولا شيء فيه، فكان أوْلى من ادعاء النقل.
قلت: قد مضى ما في قاعدة التقدير.
وأجاب عن الثاني بأن حل الدور (٤٣) من حيث قاعدة التقدير، فلا يتم هذا الجواب أيضا.
---------------
(٤٢) (أيْ جواب الحنفية)، كما عند القرافي، حيث قال: "والجواب، قالت الحنفية: أما الأول فإنما يلزم" ... الخ.
(٤٣) في نسخة ح: بأن حدِّ الدور، وفي نسخة أخرى: بأن حال، ويظهر أن كلمة حل الدور باللام أوضح في المعنى المراد، وهو رد القول بالدور في هذه المسألة. وعبارة القرافي أكثر ظهورا ووضوحا في المقصود حيث قال: "وأجاب عن الثاني بأن الدور غير لازم". والمجيب هنا غير المالكية والشافعية، وهذا الغير هم الحنفية القائلون بأن صيغ العقود إخبارات على أصلها اللغوي، فقال مخالفوهم: إنها إنشائية منقولة عن الخبر إليه، محتجين لقولهم هذا بأمور:
منها أنها لو كانت أخباراً لكانت كاذبة، لأنه لم يبع قبل ذلك الوقت، ولم يطلق قبل ذلك، والكذب لا عبرة به، لكنها معتبرة، فدل ذلك على أنها ليست أخبارا بل إنشاء، لحصول لوازم الإنشاء فيها من استتباعاتها لمدلولاتها وغير ذلك من اللوازم.

الصفحة 282