كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما

القواعد الكلية بالنسبة إلى ما بعدها (١)
القاعدة الأولى: في تقرير أنه الشريعة قامت برعاية المصلحة ودرء المفسدة.
ولنذكر أولا، أن الصلحة عبارة عن لذة أو سببها، أو فرحة أو سببها، وأن المفسدة عبارة عن ألم أو سببه، أو غم أو سببه.
فإذا تقرر هذا فأقول: هذا كان أصله، ولكن خصصه العرف الشرعي بشئ دون شئ، فلذات المعاصى وأفراحها وأسبابها لا يصدق عليها اسم المصلحة وإنما يصدق على ما عدا ذلك. ومشاق العبادة ومكارهها وأسبابها كذلك لا يصدق عليها اسم المفسدة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "حُفَّتْ الجنة بالمَكاره، وحُفت النار بالشهوات" (٢)، ولكنه لا يقال لتلك الشهوات: مصلحة، ولا لتلك المكاره: مفسدة.
---------------
(١) هذه القواعد الكلية الثلاث عشرة المذكورة في هذه الترجمة هى مما أضافه الشيخ أبو عبد الله محمد ابن ابراهيم اليقوري في كتابه هذا إلى كتاب شيخه الإِمام شهاب الدين أحمد بن إدريس القراقي في الفروق رحمهما الله. وإضافة بعض المسائل والفوائد والتعليقات هى إحدى المرتكزات والأسس الأربعة التي يقوم عليها كتاب الترتيب هذا، كما سبق أن ذكره مؤلفه في مقدمة الكتاب ودياجته. ولذلك لم أذكر لها ما يقابلها من الفروق عند القرافي، كما هو الشأن مع بقية القواعد الأخرى التي أذكر معها الفرق المقابل لها، بقصد تسهيل وتيسير الرجوع اليها لن أراد التوسع فيها.
ولعل الشيخ اليقوري استفاد هذه القواعد واستقاها من كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام لشيخه العالم الأجل اللقب بسلطان العلماء الامام الأكبر أبي محمد عز الدين بن عبد السلام رحمه الله. فلينظر ذلك وليتامل، والله اعلم.
(٢) أخرجه الامام أحمد والامام مسلم والترمذي عن أنس بن مالك رضى الله عنه.

الصفحة 39