كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

ولنذكر مسائل من حيث الشرط اللغوى تتحقق بها قواعد عند البحث فيها.
منها: المسألة الاولى: قال اللخمى في كتاب الظهار: "إذا قال: أنت طالق اليوم إن كلمتُ فلانا غدا، قال ابن عبد الحكم: إن كلمه اليوم حنث، وغدًا لا يحنث، لأن الحنث بالغد يقتضى اجتماع العصمة وعدمها، فإذا كلمه اليوم اجتمع الشرط والمشروط في ظرف واحد، فتَرتّبَ أحدهما عن الآخر، وقيل. يلزمه الحنث إن كلمه غدا. وفي الجواهر (٤). لو قال: أنتِ طالق يوم يقدم فلان، فقدم نصف النهار، تطَلّق من أوله. ولم يحك خلافا. وقال ابن يونس: قول ابن عبد الحكم خلاف أصل مالك، بل يلزمه الطلاق، وقال الغزالي في الوسيط: إذا قال: أنت طالق بالامس وقال: قصدت إيقاع الطلاق بالامس لم يقع، لأن حكم اللفظ لا يتقدم عليه. وقيل: يقع في الحال، لأن وقوعه بالامس يقتضي وقوعه بالامس وفي الحال، فيقسط الأمس ويثبت الوقوع بحسب الحال (٥).
وقال الفقهاء أيضًا: إذا قال: إن مات فلان فأنت طالق قبله بشهر، إن مات قبل مضى الشهر لم يقع طلاق، لئلا يتقدم الحكم على اللفظ، وبعد شهر وقع الطلاق قبله بشهر. وأبو حنيفة يفرق بين ما إذا قال: إن مات وإن دخل، فيلزم الطلاق قبل الموت بشهر، ولا يلزمه في الدخول وما أشبهه. وقال الغزالي: هو
---------------
مسألة: اللفظ والمعنى إن اتحدا، فإن منعَ تصور معناه الشركة فجزئي وإلا فكلي، متواطئ إن استوى، مشكك إن تفاوت. وإن تعددا فمتباين، وإن اتحد المعنى دون اللفظ فمترادف، وعكسه إن كان حقيقة فيهما فمشترَك، وإلا فحقيقة ومجاز.
وقد نظمها العلامة الاخضرى في منظومته متن السلم في علم المنطق فقال:
ونسبة الالفاظ للمعاني ... خمسةُ اقسام بلا نقصان
تواطؤ، تشاكك تحالف ... والاشتراك عكسه التَّرادف
(٤) المراد به كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم الدينة، لمؤلفه الشيخ أبي محمد، عبد الله بن نجم بن الشاش، المتوفي بمصر عام ٦١٦ هـ وكتابه هذا من أكثر الكتب فوائد في الفروع، ويدل على غزارة علمه وفضله كما ذكَره مترجموه رحمه الله.
(٥) علق الفقيه ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة وذكره اليقوري، فقال: جميع ذلك نقل لا كلام فيه.

الصفحة 57