كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

قلت: كلامه كله هذا انْبَنَى على أن هذه القاعدة الثانية مقررة، وقد مضى أن ما ذكره لا يكفى في تقريرها، فلا يترجح ما قاله على ما ذكره بعض الفقهاء من أن العدة انقضت، والله أعلم.
قال: وأما قياسهم على قوله: أنت طالق من شَهْرٍ، فالفرق أن الاسباب الموضوعة في أصل الشرع قد استقل صاحب الشرع بمسبباتها ولم يجعل فيها انعطافات. قال: والتعلىيق موكولة لخيرة المكلف، ولا يلزم من التزام الانعطافات حيث خيرة المكلف أن تلزم حيث الحِجْر عليه.
قلت: قد جعل الانعطاف في مسألة الصوم، ثم أصل الانعطاف ممنوع منه على حسب ما تقرر في القاعدة الثانية، فالمسألة غير جلية على زعمه، والله أعلم.
المسألة الثانية: مسألة الدَّور.
قال أصحابنا: إذا قال: إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثًا فطلقها، لزمه الثلاث، أي عددٍ كان منجزًا كملّنا معه الثلاث.
وقال الغزالي في الوسيط: لا يلزمه شيء عند ابن الحداد، لأنه لو وَقعَ، لَوقَع مشروطه، وهو تقدم الثلاث، ولو وقع مشروطه لمنع وقوعه، لأن الثلاث تمنع ما بعدها. فيؤدي إثباته إلى نَفْيِهِ، وقال أبو زيد: يقع المُنَجَّزُ ولا يقع المعلّق، لأنه علق محالا. وقيل: يقع في المدخول بها الثلاث، أي أي شيء نجَّزه تَنَجَّز، وكمل من العلق، وقد تقدم (١٣).
والبحث في هذه المسألة يكون بعد تقرير ثلاث قواعد:
القاعدة الأولى: أن من شرط الشرط إمكان اجتماعه مع المشروط، وإلا لم تكن حكمة في جعله شرطًا.
---------------
(١٣) علق الفقيه ابن الشاط على مسألة الدور عند القرافي فقال: ما قال فيها إلى آخره صحيح، والله أعلم.

الصفحة 61