كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

المسألة الرابعة: قال الشافعية: إذا قال: إن بدأتك بالكلام فأنت طالق، فقالت: إن بدأتك بالكلام فعبدي حر، فكلمها، لم تطلق ولم تعتق العبد، لأن يمينه انحلت بيمينها، ويمينها انحلت بكلامه، فلم تفتد بشئ (١٥) ولا هو بكلام.
المسألة الخامسة: في التهذيب لمالك رحمه الله: أنت طالق إن شاء الله، يلزمه الطلاق الآن، بخلاف ان شاء هذا الحجر ونحوه. وأبو حنيفة والشافعي، يقولان بعدم اللزوم في الجميع. وقال سحنون: يلزم في الحجر ونحوه، لأنه نادم أو هازل.
قال شهاب الدين رحمه الله: والمسألة مبنية على أربعة قواعد (١٦):
القاعدة الاولى: من له عرف يحمل كلامه على عرفه، وهذا كحمل الصلاة على المعهودة لَا على الدعاء. وكذلك، قوله عليه السلام: "من حلف، واستثنى، عاد كمن لم يحلف (١٧) " يحمل على الحلف الشرعي، وهو الحلف بالله تعالى، لأن الحلف بالطلاق والعتاق أيمان الفساق.
قلت: القصد من ذكر هذه القاعدة: أن يتحقق له هذا الفرع، وهو: أن الحلف لا يقال على العتاق والطلاق، ولا يتقرر بما قاله، بل نقول بمقتضى القاعدة، ونقوق: الحلف في الشريعة، واليمين، يقالان على اليمين بالله، وعلى اليمين بالطلاق، والعتاق، وكون أحدهما يكره لا يخرجه عن أن يكون يمينًا، كما أن الآخر إذا أكثر من الحلف على الأشياء بالله تعالى يكره له، لقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} (١٨)، وليس هذا بمخرج له عن أن يكون يمينا.
---------------
(١٥) في ح: شيئًا بالنصب.
(١٦) علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند الإمام القرافي في هذه المسألة، وفي القاعدتين الأولى والثانية منها بقوله: ما قاله في ذلك صحيح ظاهر، والله أعلم، ولا شك أن الشيخ البقوري يتناول قواعد الفروق عند القرافي بشيء من الايجاز والاختصار، وهو أساس كتابه هذا: الترتيب للفروق.
(١٧) أخرجه: ابن ماجة عن أبى هريرة بلفظ: من حلف فقال: إن شاء الله، فَلَهُ ثنِياهُ، عن ابن عمر بلفظ: من حلف واستثنى فلن يحنث ...
(١٨) سورة البقرة: الآية ٢٢٤.

الصفحة 63