كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

قياسًا على اليمين بالله تعالى إذا أعاد الاستثناء على الفعل، قال: وهذا يشعر بأن ابن القاسم يوافق في اليمين بالله تعالى ويخالف في الطلاق.
قلت: يمكن أن يقال بصحة الخلاف مع ما قاله شهاب الدين، وهذا لأنا إن نظرنا إلى الترتيب بين الشرط والمشروط فظاهرٌ أنه جَعَلَه سببا وإن نظرنا إلى قوله: إن شاء الله فهو يقتضي أنه لم يجعله سببا، ثم مع هذا يقال: الحق عدم اللزوم كما قال ابن رشْد، ويسقط الإجماع الذي قاله شهاب الدين.
قال: وقوله: أنت طالق إلا أن يبدو لي، ظاهر أنه لا يقع، لأنه لما طلق فقد انقطعت العصمة، ولا يردها قوله. وإذا علق الطلاق على فعل وأعاد إلا أن يبدو لي، وأراد أني ما صمت على جعل الفعل سببًا، بل الأمر موقوف على إرادة تحدث في المستقبل، فذلك ينفعه، وهذا كله لأن كل ما وكل للمكلف فسببيته لا تكون إلا بإرادته، وهذا المعنى هو ما قاله صاحب الجلاب (٢٨).
المسألة السابعة:
في الجواهر (٢٩): أنت طانق إن كلمت زيدا، إن دخلت الدار، هو تعليق التعليق، فإن كلمت زيدًا - أولًا - تعلق طلاقها بالدخول. والشافعي يقول: إن بدأت بالكلام لا يقع طلاق، وإن بدأت بالدخول ثم الكلام وقع الطلاق.
ومثل هذه المسألة: إن أعطيتك؛ إن وعدتك، إن سألتني، فأنت طالق، فالشافعي يعتبر الترتيب، فإن وقع السؤال، ثم الوعد، ثم العطية، وقع الطلاق، وإلا فلا، ونحن لا نعتبر الترتيب، بل حصول ذلك المجموع فقط، على حسب ما هو الامر مع الواو. وإمام الحرمين وافقنا على هذا.
قال شهاب الدين رحمه الله: والشافعي يتقوى قوله بقاعدتين:
---------------
(٢٨) صاحب الجلاب: هو المراد به الفقيه المالكي الشهير، أبو القاسم بن الجلاب، مؤلف كتاب في مسائل الخلاف، وصاحب التفريع المشهور في المذهب، ت ٣٩٨ هـ.
(٢٩) الجواهر: اسم لكتاب عظيم في الفقه الاسلامي، عنوانه الكامل: الجواهر الثمينة في مذهب عام المدينة لمؤلفه عبد الله بن شاس من علماء القرن السادس هـ كما سبق ذكره قريبا.

الصفحة 68