كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

الواحدة أن الشروط اللغوية أسباب، يلزم من وجودها الوجود ومن عدمها العدم، وقد تقدم هذا، وليست الشروط الْأخَرُ كذلك.
والثانية: أن تقديم السبب على سببه لا يعتبر كالصلاة قبل الزوال. ولَمَّا كان الامر هكذا فهو يقول: سبب الطلاق الكلام، وسبب اعتبار الكلام في سببية الطلاق دخول الدار، فهذا وجه قوله.
وأصحابنا قالوا: أجمعنا على أن المعطوف بالواو يستوي فيه التقديم والتأخير، فكذا المذكورات بغير واو، لأن الانسان قد يعطف الكلام بعضه على بعض من غير عطف، كقولك: جاء زيد، جاء عمرو.
ومما يعضد قول الشافعي قولُه تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} (٣٠)
وجاء ما يعضد قول مالك، وهو قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} (٣١). فإرادة النبيّ متأخرة في المعنى، كما هي في اللفظ، بخلاف الآية الأخرى. ويحتمل أن تُرَد هذه الآية إلى ما كان عليه الأمر في الآية الأخرى.
وقال ابن مالك في شرح مقدمته:
الثاني من الشرطين لا جواب له، وإنما الجواب للأول خاصة، وصدق، فإن هذا الشرط الثاني إنما اعتباره في الأول لا في الطلاق الذي جُعل مشروطًا، فذكر الشرط الأول سَدَّ مَسَدّ جوابه.
---------------
(٣٠) سورة هود: الآية ٣٤.
(٣١) سورة الاحزاب: الآية ٥٠.

الصفحة 69