كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

"تفريع" (*):
إن قال: إن أكلت وإن لبست فأنت طالق، فلا ترتيب بين هذين الشرطين باتفاق، بل أيهما وقع قبل صاحبه اعتبر، ولا بد من وقوع الشرطين، (٣٢). فإن قال: إن أكلمت فلبست تعين الترتيب، وكذا إن أكلت ثم إن لبست، وإن أكلت بل إن لبست، الشرط واحد وهو الأخير، وقد أضرب عن الأول. وكذا إن أكلت لا إن لبست، فالشرط الأول وحده. وإن أكلت أو لبست، الشرط أحدهما لا بعنيه، وكذلك إما إن أكلت وإما إن شربت يلزم الطلاق بأحدهما. وأم من حروف العطف لا تصلح هنا، لأنه لا جزم فيها، وإنما هي للاستفهام، والتعليق لا بد أن يكون جزمًا (٣٣).
وذكر الشيخ في التهذيب - في الواو - أنها تطلق بكل واحد من الشرطين طلقة، قال: لأن حرف الشرط قد كرر، فوجب لكل واحد منهما جزاء، فتطلق بكل واحد منهما طلقة واحدة. وما قاله غير لازم، بل يكون حرف العطف يقتضى
---------------
(*) قال القرافي: (تفريع) أذكر فيه المعطوفات من الشروط، فإن قال إلخ ...
(٣٢) علق الشيخ ابن الشاط على كلام القرافي هنا بقوله: قوله صحيح، وكان حقه أن يقول: أو مع صاحبه، فالمعية والقبلية هنا سواء.
وقول القرافي: ولا بد من وقوع الآخر بعده، ليس بلإزم، فإنه - يقول ابن الشاط: إذا انفرد كل واحد منهما استقل بالشرطية، وإنما يلزم ما قاله لو قال القائل: إن أكلت ولبست ... فإن مقتضى ذلك جعل الشرط مجموع الفعلين. وإذا كان كذلك فلا بد من وقوع الآخر بعده، وأما إذا تكرر حرف الشرط فإنه يدل على استقلال كل واحد بالشرطية، فلا يلزم وقوع الآخر بعده.
(٣٣) قال ابن الشاط عنه الله: ما قاله القرافي في ذلك صحيح، غير قوله: عكس المنسوق بغير حرف عطف يلزم أن يكون المتأخر في اللفظ متقدما في الوجود، فإنه مبنى على قاعدة أن الشروط اللغوية أسباب، والأسباب يلزم تقدمها على مسبباتها، وذلك كله أمر عرفي اصطلاحي، والربط بين الشروط اللغوية ومشروطاتها وضعي كما سبق التنبيه عليه. فصفة الربط من تقدم أو تأخر أو معية كذلك وضعي، والأمور الوضعية يجوز تبدلها وتبدل أوصافها بحسب قصد الواضع لها. فإن أراد أن المنسوق بغير حرف عطف يلزم ذلك فيه عرفا فهو صحيح، وإن أراد غير ذلك فليس بصحيح، والله أعلم.

الصفحة 70