كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

هذا البيت ينشد على ثمانية أوجه، لأن ما بعد قبلِ الأول، قد يكون قبلَيْن، وقد يكون بَعْدين، وقد يكونان مختلفين، فهذه أربعة أوجه، ثم قد يكون عوض قبل الأول، بعد، فتكون ثمانية. ثم أقول - أيضًا -: إن ما في البيت تكون زائدة، وموصولة، ونكرة موصوفة، والحكم في الوجوه كلها واحد، لا تتغير الفتوى بحسب ذلك. ثم إن القبل، والبعد لا يصح أن يكون هنا الا بشهر تام، ليس من حيث إن القبل والبعد لا يصدقان الا على ذلك، بل يصدق على اليوم وأقل منه، ولكن لقرينة في البيت عينت ما قلناه، فهو المقصود في البيت لا غيره.
ثم إن القبلية والبعدية - أيضًا - تصدق بحسب المجاور أولا والمجاور آخرا، وتصدق بحسب المتأخر جدًا، وبحسب السابق جدًا، فنحن نقول: يومنا هذا قبل يوم القيامة، ويومنا هذا بعد يومٍ، خُلِق فيه آدم، وذلك كله حقيقة. كما أن القبلية والبعدية على المجاورين حقيقة. ولكن المراد هنا المجاور بحسب التقديم وبحسب التأخر.
فإذا تقرر هذا، فأقول:
اعلم أن الأجوبة الثمانية منحصرة في أشهر (٣٧): طرفان وواسطة، فالطرفان جمادى الآخرة وذو الحجة، والواسطة شوال وشعبان.
وتقريب ضبطها أن حميع البيت إن كان قبل، فالجواب بذي الحجة، أو بعد، فالجواب جمادى الآخرة، أو مركبة من قبل ومن بعد، فمتى وجدت في الآخر قبل وبعد، أو بعد قبله، فالشهر مجاور لرمضان، فإن كل شيء هو قبل بعده وبعد قبله. فالكلمة الأولى إن كانت حينئذ قبل فهو شوال، لأن المعنى قبله رمضان. هذا إن اجتمع آخرَ البيت قبل وبعد. فإن اجتمع قبلان، أو بعدان، وقبلهما مخالف لهما، ففي البعدين شعبان، وفي القبلين شوال.
---------------
(٣٧) في نسخة: في أربعة أشهر، بذكر كلمة أربعة، وكذا في نسخة أخرى.

الصفحة 73