كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

المسألة الثانية (٣٨):
قال مالك: إذا قال لامرأته: أنت طالق رأس الشهر تَنجز الطلاق في الحال، واذا قال لأمته: أنت حرة رأس الشهر يوقف العتق إلى أمده ولم ينجَّزْ، والطلاق والعتق قد علق بوقت لا بد أن يأتي.
فالفرق بينهما، أن الطلاق إنما نُجِّز في الحال، لأن الوطء لا يجوز أن يتوقف، ولهذا نُهِي عن نكاح المتعة، حيث انها توقيت للوطء (٣٩)، وليس كذلك العتق إذا علقه رأس الشهر، فهو إنما وقت الخدمة، وذلك جائز، لأن المنفعة تتوقت كالإجارة، ألا ترى أنه يمنع من وطئها، فافترقا.
فإن قيل: فيلزم على هذا أن من قال: ان قدم فلان فأنت طالق قبده بسنة، أن ينجَّز الطلاق، وكذا، ان قال: ان مات، قلنا: لا يلزم، من حيث إن الشرط يمكن أن يقع وألا يقع. ثم الموت الذي لا بد منه يجهل أن يتأخر عن موت المرأة المطلقة، فيكون كالقدوم الذي لم يقع، فلذلك قلنا بعدم التنجيز، فلم يكونوا فيه موقتين للوطء، ولا بد، والله أعلم.
المسألة الثالث:
قال عبد الملك: إذا قال رجل لامرأته وهي حامل: أنت طالق - إذا وضعت - واحدة، وأنت طالق الساعة واحدة، طلقت اثنتين. وإذا قال: أنت
---------------
(٣٨) هذه المسألة هي مما زاده الشيخ البقوري، وأضافه إلى كتاب شيخه القرافي كما أشار إليه في التمهيد للمسألة الأُولى قيل هذا.
(٣٩) عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المتعة عام خيبر، (متفق عليه)، ولفظه في صحيح الإمام البخاري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة وعن الحمُر الأهلية زمن خيبر، (أي نهى عن نكاح المتعة حين أو وقت غزوة خيبر، والنهي في الحديث للتحريم، ولذلك أجمع علماء الإسلام على تحريم نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل (أي تزوج المرأة لمدة معينة يستمتع في الزوج بها، ثم يطقها بعد انتهائها، وذلك أن الإسلام ينظر إلى أن عقد الزواج على أنه عقد تأبيد بين الزوجين إلى أن يفرق بينهما الأجل المحتوم، فيجب أن تكون عقد تأبيد في صيغة العقد وألفاظه، وفي نية كل من الزوجين وعزمه وقصدِهِ، والأعمال بالنيات.

الصفحة 74