كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

فما ذلك إلّا لأجْل السببيْن، والله أعلمُ، وعلى هذا فلا يصلح أن يكون جواب شهاب الدين - رحمه الله - جاريا في الآية؛ قال في جواب عز الدين رحمه الله تعالى.
المسألة الثالثة:
ما قلناه أيضًا من أن إن لا تدْخُلُ إلا على المشكوك، يُشْكِل بقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمُ إِيَّاهُ تَعْبُدُونْ" (٦٥)، فإن الله عالم بذلك قطعا، وبقوله: {وَإِنْ كُنْتُمُ فِي رَيْبٍ} (٦٦)، فإن اللهَ تعالى تحقَّقَ أنهم في ريب، وهمْ يجدون الريب في نفوسهم قطعًا.
والجواب أن يقال: المراد كل ما كان شأنه أن يكون في العادة مشكوكًا فِيه بين الناس حسُنَ تعليقُهُ بإنْ مِن قِبَلِ الله تعالى ومِن قِبَلِ غيره، سواء كان معلوما للمتكلم أو للسّامع أو لَا، وكذلك يحسُنُ من الواحد مِنّا أن يقول: إن كان زيد في الدار فأَكْرِمْه، معَ أنه يعلم أنه في الدار، ولكنه حَسُنَ، لأنهُ شأنه أن يشك فيه، يخلاف إن طلعَتْ الشمس.
قلت: هذا يُعْترض (٦٧) بقوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (٦٨) وكذلك نقول: إن يكن الواحد نصف العشرة فالعَشرةُ اثنانِ، وهذا أمرٌ لاشكّ فيه عادةً، بل يُقطعُ بأن الواحد لا يكون نصف العشرة.
وما أجاب به شِهابُ الدين هذا الفرضَ وَهو قوله: التعليق إنما هو على امرٍ مفروض، والفَرْضُ والتقديرُ ليس امرًا لازما في الواقع، بل يجوز أن يقعَ ويجوزُ ألا يقعَ - فيصير من قِيلَ المشكوك فيه - هُوَ لا يصلح جوابًا لنفى الشكّ عن وقوع هذا الفرض وبُعْدِه عنه، ودخوله في حَيِّزِ (٦٩) المقطوعْ به.
---------------
(٦٥) سورة البقرة: الآية ١١٢.
(٦٦) سورة البقرة: الآية ٢٣
(٦٧) في نسخة: "معترض" بصيغة اسم الفعول.
(٦٨) سورة آل عمران: الآية ١٤٤.
(٦٩) في ح: في جزء، وكلمة حيّز أنسَبُ في المعنى وأظهر.

الصفحة 85